[إحياء عمر لسنة الجماعة في التراويح وأمره بال (١١) ركعة]
سبق أن ذكرنا أن الناس بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - استمروا على أداء التراويح في المسجد أوزاعا وراء أئمة متعددين وذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلفة عمر رضي الله عنهما، ثم إن عمر رضي الله عنه جمعهم وراء إمام واحد فقال عبد الرحمن بن عبدٍ القاري:«خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط «عدد يجمع من ثلا ثة إلى عشرة» فقال: [والله] إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب، [قال]: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم [ف] قال عمر: نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله». رواه مالك في الموطأ وعنه البخاري والفريابي ورواه ابن أبي شيبة نحوه دون قوله:«نعمت البدعة هذه»، وله عند ابن سعد والفريابي طريق آخر بلفظ:«إن كانت هذه لنعمت البدعة» ورجاله ثقات غير نوفل بن إياس فقال الحافظ في «التقريب»: «مقبول» عند المتابعة والا فلين الحديث.
واعلم أنه قد شاع بين المتأخرين الاستدلال بقول عمر «نعمت البدعة هذه» على أمرين اثنين:
الأول: إن الاجتماع في صلاة التراويح بدعة لم تكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا خطأ فاحش لا نطيل الكلام عليه لظهوره وحسبنا دليلا على إبطاله الأحاديث المتقدمة في جمعه - صلى الله عليه وسلم - الناس في ثلاث ليال من رمضان وإن ترك الجماعة لم يكن إلا خشية الافتراض.
الثاني: أن في البدعة ما يمدح وخصصوا به عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - «كل بدعة ضلالة» ونحوه من الأحاديث الأخرى وهذا باطل أيضا فالحديث على عمومه كما سيأتي بيانه في الرسالة الخاصة بالبدعة إن شاء الله تعالى، وقول عمر:«نعمت البدعة هذه»