«لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهن أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى». وأخرجه النسائي والدارمي. [قال الإمام]: قلت: فهذا الحديث يبين بجلاء وظيفة الداخل إلى المسجد يوم الجمعة في أي وقت كان هي أن يصلي ما قدر له وفي حديث آخر: ما بدا له حتى يخرج الإمام فينصت له فهو دليل صريح أو كالصريح على جواز الصلاة قبل الزوال يوم الجمعة وذلك من خصوصيات هذا اليوم كما بينه المحقق ابن القيم في الزاد «١/ ١٤٣» واحتج له بهذا الحديث فقال عقبه: «فندبه إلى صلاة ما كتب له ولم يمنعه عنها إلا في وقت خروج الإمام لانتصاف النهار». ثم ذكر مذاهب العلماء في الصلاة قبل الزوال:
وهي ثلاثة: مباح مطلقا يوم الجمعة وغيره، ومكروه مطلقا، والثالث أنه وقت كراهة إلا يوم الجمعة وهو مذهب الشافعي وهو الحق الذي اختاره جماعة من الحنفيين وغيرهم وهو قول الإمام أبي يوسف رحمه الله وهو المعتمد المصحح في المذهب كما في الأشباه والنظائر وعليه الفتوى كما في الطحطاوي على مراقي الفلاح (١). وعلى هذا جرى عمل الصحابة رضي الله عنهم فروى ابن سعد في الطبقات «٨/ ٣٦٠» بإسناد صحيح على شرط مسلم عن صافية قالت: «رأيت صفية بنت حيي وهي من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ماتت في ولاية معاوية «صلت أربعا قبل خروج الإمام وصلت الجمعة مع الإمام ركعتين». وفي «الزاد» قال ابن المنذر: روينا عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة اثنتي عشرة ركعة وعن ابن عباس أنه
(١) وراجع تحقيق القول في ذلك في إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر لشمس الحق العظيم آبادي. [منه].