للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حرمة خاتم الحديد]

في صحيح البخاري: أن الرسول قال للرجل الذي أراد تزوج المرأة الواهبة نفسها: «التمس ولو خاتماً من حديد».

تنبيه: استدل المصنف حفظه الله تعالى عند الحديث على جواز التختم بخاتم الحديد، وقال بين يدي ذلك:

«أما المعادن الأخرى كالحديد وغيره، فلم يرد نص صحيح يحرمها، بل ورد في «صحيح البخاري» ... «فذكر، وقال» وبه استدل البخاري على حل خاتم الحديد».

قلت: وعلى هذا ملاحظتان:

الأولى: أن الاستدلال المذكور، رده الحافظ ابن حجر في «الفتح» بقوله: «ولا حجة فيه؛ لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته».

والأخرى: أنه قد صح النهي عن خاتم الحديد، فقد روى البخاري في «الأدب المفرد» «رقم ١٠٢١» وأحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: «أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يده خاتم من ذهب، فأعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، فلما رأى الرجل كراهيته ذهب فألقى الخاتم، وأخذ خاتماً من حديد فلبسه، وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هذا شر، هذا حلية أهل النار». فرجع فطرحه، ولبس خاتماً من ورق، فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قلت: وهذا إسناد جيد، يحتج بمثله البخاري خارج صحيحه، والإمام أحمد وابن راهويه، والترمذي وغيرهم، وعليه مدار جمهرة من الأحكام الفقهية كما حققه العلامة ابن القيم في «إعلام الموقعين» فكيف وله طريق أخرى وشواهد ذكرتها في «آداب الزفاف» «ص ١٣٤» [١٤٥] فالحديث صحيح قطعاً، ولذلك ذهب إلى العمل به جماعة من الأئمة الفقهاء، فقال إسحاق بن منصور المروزي في «مسائله

<<  <  ج: ص:  >  >>