عن ابن عباس، قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال:«إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستتر من البول» - وفي رواية لمسلم:«لا يستنزه من البول» - «وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة»، ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، ثم غرز في كل قبر واحدة، قالوا: يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال:«لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا».
[قال الإمام]:
لقد توهم كثير من الناس أن التخفيف إنما كان من أجل رطابة الشقين، وهذا ليس بصحيح، ولو كان كذلك لما شق الغصن شقين؛ لأن ذلك مما يسرع اليبوسة إلى الشقين كما لا يخفى، والصحيح ان سبب التخفيف إنما هو شفاعته - صلى الله عليه وسلم - ودعاؤه لهما، وأن الله استجاب له ذلك إلى أن ييبسا، فالرطابة علامة لا سبب، ويشهد لهذا حديث جابر الطويل في مسلم «٨/ ٢٣٥»: «إني مررت بقبرين يعذبان فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنها ما دام الغصنان رطبين».
ولهذا لم يعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يفعل ذلك عند زيارة القبور، ولا عن أصحابه، ولا عن أحد من السلف، بل قد أنكر الإمام الخطابي ما يفعله الناس اليوم من وضع الأخضر على القبور، وقال: إنه لا أصل له، وقد تكلمت على هذه المسألة بتفصيل في كتابي «أحكام الجنائز وبدعها» وراجع أيضاً تعليق أحمد شاكر على الترمذي «١/ ١٠٣».
(مشكاة المصابيح ١/ ١١٠)
[الموعظة عند القبر حين دفن الميت]
مداخلة: الموعظة بالذات عند القبر حين دفن الميت؟ بعض البلدان باستمرار موعظة عند الدفن، فهل هذا جائز باستمرار؟