يقول ابن عباس ف قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ}: «ليست بمنسوخة هي للكبير الذى لا يستطيع الصوم». صحيح
«تنبيه»: استدل المؤلف رحمه الله تعالى بحديث ابن عباس هذا على أن العاجر عن الصيام لكبر أو مرض مزمن يطعم عن كل يوم مسكينا, وهذا صحيح يشهد له حديث ابن عمر وأبى هريرة. غير أن فى قول ابن عباس فى هذه الآية:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ .. } ليست منسوخة, وأن المراد بها الشيخ الكبير, والمرأة الكبيرة لا يستطيعان الصيام, إشكالا كبيرا, ذلك لأن معنى {يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} أى يستطيعون بمشقة, فكيف تفسر حينئذ بأن المراد بها من لا يستطيع الصيام, لا سيما وابن عباس نفسه يذكر فى رواية عزرة أن الآية نزلت فى الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان أى يستطيعان الصوم ثم نسخت, فكيف تفسر الآية بتفسيرين متناقضين «يستطيعون» و «لا يستطيعون»؟ ! وأيضا فقد جاء عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال:«لما نزلت {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان من أراد أن يفطر, ويفتدى [فعل] حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها». أخرجه الستة إلا ابن ماجه. وفى رواية عنه قال:
«كنا في رمضان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , من شاء صام ومن شاء
أفطر فافتدى بطعام مسكين, حتى نزلت هذه الآية:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}» أخرجه مسلم.
ويشهد له حديث معاذ المتقدم.
فهذا يبين لنا أن في حديث ابن عباس إشكالا آخر, وهو أنه يقول: أن الرخصة التي كانت في أول الأمر, إنما كانت للشيخ أو الشيخة وهما يطيقان الصيام, وحديث سلمة ومعاذ يدلان على أن الرخصة كانت عامة لكل مكلف شيخا أو غيره, وهذا هو الصواب قطعا لأن الآية عامة, فلعل ذكر ابن عباس للشيخ والشيخة لم يكن منه