على سبيل الحصر, بل التمثيل, وحينئذ فلا اختلاف بين حديثه والحديثين المذكورين.
ويبقى الخلاف فى الإشكال الأول قائما لأن الحديثين المشار إليهما صريحان فى نسخ الآية. وابن عباس يقول ليست بمنسوخة ويحملها على الذين لا يستطيعون الصيام كما سبق بيانه! فلعل مراد ابن عباس رضى الله عنه أن حكم الفدية الذى كان خاصا بمن يطيق الصوم ويستطيعه ثم نسخ بدلالة القرآن, كان هذا الحكم مقررا أيضا فى حق من لا يطيق الصوم ولا يستطيعه, غير أن الأول ثبت بالقرآن, وبه نسخ, وأما الآخر فإنما ثبتت مشروعيته بالسنة لا بالقرآن, ثم لم ينسخ, بل استمرت مشروعيته إلى يوم القيامة, فأراد ابن عباس رضى الله عنه أن يخبر عن الفرق بين الحكمين: بأن الأول نسخ, والآخر لم ينسخ, ولم يرد أن هذا يثبت بالقرآن بآية «وعلى الذين يطيقونه» , وبذلك يزول الإشكال إن شاء الله تعالى.
ويؤيد ما ذكرته أن ابن عباس ـ فى رواية عزرة ـ بعد أن ذكر نسخ الآية المذكورة قال: «وثبت للشيخ الكبير, والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم, والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا, وأطعمتا كل يوم مسكينا».
ففي قوله: «ثبت» إشعار بأن هذا الحكم فى حق من لا يطيق الصوم كان مشروعاً, كما كان مشروعا فى حق من يطيق الصوم, فنسخ هذا, واستمر الآخر, وكل من شرعيته, واستمراره إنما عرفه ابن عباس من السنة, وليس من القرآن.
ويزيده تأييدا, أن ابن عباس أثبت هذا الحكم للحبلى والمرضع إذا خافتا ومن الظاهر جدا أنهما ليسا كالشيخ والشيخة فى عدم الاستطاعة, بل إنهما مستطيعتان ولذلك قال لأم ولد له أو مرضع: «أنت بمنزلة الذى لا يطيق» كما سبق.
فمن أين أعطاهما ابن عباس هذا الحكم مع تصريحه بآن الآية «وعلى الذين يطيقونه» منسوخة, ذلك من السنة بلا ريب.
ويشهد لما سبق ذكره حديث معاذ, فإنه بعد أن أفاد نسخ الآية المذكورة بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} قال: «فأثبت الله صيامه على المقيم