للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تحية المسجد أثناء الخطبة]

[قال الإمام في تلخيص المسائل المتعلقة بالجمعة من رسالة «الموعظة الحسنة بما يخطب به في شهور السنة» لصديق حسن خان]:

حاصل ما يستفاد من الأدلة أن الكلام منهي عنه حال الخطبة نهيا عاما وقد خصص هذا بما يقع من الكلام في صلاة التحية من قراءة وتسبيح وتشهد ودعاء، والأحاديث المخصصة لمثل ذلك صحيحة، فلا محيص لمن دخل المسجد حال الخطبة من صلاة ركعتي التحية إن أراد القيام بهذه السنة المؤكدة والوفاء بما دلت عليه الأدلة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمر سليكا الغطفاني لما وصل إلى المسجد حال الخطبة فقعد ولم يصل التحية بأن يقوم فيصلي، فدل هذا على كون ذلك من المشروعات المؤكدة بل من الواجبات. ومن جملة مخصصات صلاة التحية حديث «صحيح»: «إذا جاء أحدكم [يوم الجمعة] والإمام يخطب فليصل ركعتين» (١) وهو حديث صحيح متضمن للنص في محل النزاع.

وأما ما عدا صلاة التحية من الأذكار والأدعية والمتابعة للخطيب في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يأت ما يدل على تخصيصها من ذلك العموم. والمتابعة في الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - وإن وردت بها أدلة قاضية بمشروعيتها فهي أعم من أحاديث منع الكلام حال الخطبة من وجه وأخص منها من وجه، فيتعارض العمومان وينظر في الراجح منهما، وهذا إذا كان اللغو المذكور في حديث: «ومن لغا فلا جمعة له» (٢) يشمل جميع أنواع الكلام، وأما إذا كان مختصا بنوع منه وهو ما لا فائدة فيه فليس مما يدل على منع الذكر والدعاء والمتابعة في الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -. «يقول ملخصه محمد ناصر الدين»: والأرجح من الاحتمالين الأول بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قلت لصاحبك


(١) متفق عليه من حديث جابر بلفظ فليركع وزاد مسلم في رواية: "وليتجوز فيهما". [منه].
(٢) رواه أحمد وأبو داود وله شواهد كثيرة يتقوى بها وقد جاء تفسيره في حديث آخر بلفظ: "ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا". [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>