السائل: نعم، لا تُسْمِعه لنفسك ولا تُسْمِعه لغيرك.
الشيخ: سراً.
السائل: نعم. يعني: تُحَرِّك به شفتيك.
الشيخ: هذا سراً، ليس في نفسك، الحقيقة لما تضع هذا القيد ما فيه عندنا نص صريح في الموضوع، ولكن فتح هذا الباب سيجعل السامع مشغولاً عن الانتفاع بخطبة الخطيب، لأننا سنقول: إذا ذُكر الرسول صَلِّ عليه، وإذا ذُكر الله ماذا تفعل؟ لابد أن يُعَظِّمه أن يُسَبِّحه، حينئذٍ سينقلب استماعه للخطبة إلى انشغال بالذكر، وليس هذا من مقاصد الخطبة وحضور الخطبة.
فإذاً: المسألة يؤخذ دليلها ليس من نص صريح في الموضوع، ما دام قُيِّد بالسرية وإلا كنا نقول:«إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب: أنصت، فقد لغوت». لكن ما دام ما فيه مكالمة ما فيه أخذ ورد ما يصح لنا أن نستدل على ذلك بهذا الحديث، وإنما الدليل هو دليل استنباطي على النحو الذي ذكرناه.
الآن يبدو لي شيء آخر وهو: قوله تبارك وتعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}[الأعراف: ٢٠٤] قالوا: بأن هذه الآية نزلت في خطبة الجمعة.
فإذاً: أنصتوا ليس فقط فيما إذا تُلي القرآن الذي هو المعنى المتبادر من الآية دون النظر إلى ما ذكره علماء التفسير أنها نزلت في خطبة الجمعة.
حينذاك نستطيع أن نأخذ من هذا السبب: سبب النزول دليلاً؛ ذلك لأن الذي جلس لاستماع الخطبة عليه واجبان وأرجو الانتباه الآن، الواجب الأول الاستماع، والواجب الثاني الإنصات، والإنصات ينافي الصلاة على النبي سراً والتسبيح لله سراً، حينئذٍ يكون في هذا دليل، ولكني لا أستحضر الآن إذا كان سبب النزول المذكور في كتب التفسير هو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان بعض إخواننا من طلابنا أمثالنا يذكرون شيئاً في هذا الصدد فنستفيده.