كما سبق بيانه، ولهذا فإننا نستغرب أن يخطر في بال مسلم أن أحدا من المسلمين يرميهم بالابتداع في الدين حاشاهم من ذلك بل هم مأجورون على كل حال كما بيناه مرارا، كيف وهم الذين لهم الفضل في إرشادنا إلى ما دل عليه الكتاب والسنة من إيثارهما على كل قول يخالفها، فهذا هو الإمام الشافعي رضي الله عنه يقول:«أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تحل له أن يدعها لقول أحد». وكذلك لا يلزمنا ما قد يتوهمه البعض من أن مخالفة بعض الأئمة معناه أن المخالف يزعم لنفسه الأفضلية عليهم علما وفهما، كلا بل هذا وهم باطل، فإننا نعلم بالضرورة أن الأئمة الأربعة أعلم من تلامذتهم فمن دونهم ومع ذلك فقد خالفوهم في كثير من آرائهم ولا يزال الأمر كذلك يخالف المتأخر المتقدم ما بقي في المسلمين علماء محققون ومع هذا فلم توهم مخالفتهم إياهم أنهم ادعوا الأفضلية عليهم فكيف يتوهم ذلك من مجرد مخالفة من هم دون هؤلاء بمراحل؟ والحقيقة أن شأننا مع الأئمة كما روي عن عاصم بن يوسف أنه قيل له: أنك تكثر الخلاف لأبي حنيفة.
فقال: إن أبا حنيفة قد أوتي ما لم نؤت فأدرك فهمه ما لم ندرك ونحن لم نؤت من الفهم إلا ما أوتينا ولا يسعنا أن نفتي بقوله ما لم نفهم من أين قال؟ «أقول هذا مع اعترافي بأن رحمة الله أوسع من أن تحصر الفضل والعلم في الأئمة الأربعة فقط، وإن الله قادر على أن يخلق بعدهم من هو أعلم منهم، مع التذكر أيضا بأنه قد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل وهذا أمر معروف مسلم عند العلماء وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «أمتي كالمطر لا يدرى الخير في أوله أم في آخره» رواه الترمذي وحسنه والعقيلي وغيرهما، وله طرق.
[صلاة التراويح ص ٩٣]
[جواز القيام بأقل من (١١) ركعة]
فإن قال قائل: إذا منعتم الزيادة على عدد الركعات الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قيام الليل ومنه صلاة التراويح فامنعوا إذن أداءها بأقل من ذلك لأنه لا فرق بين