وغيرهما. قالوا:«ليس المراد أن الله يعاقبه ببكاء الحي عليه، والعذاب أعم من العقاب كما في قوله: «السفر قطعة من العذاب»، وليس هذا عقابا على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألم.
وقد يؤيد هذا قوله في الحديث «٥ و ٦»: «في قبره». وكنت أميل إلى هذا المذهب برهة من الزمن، ثم بدا لي أنه ضعيف لمخالفته للحديث السابع الذي قيد العذاب بأنه «يوم القيامة»، ومن الواضح أن هذا لا يمكن تأويله بما ذكروا، ولذلك فالراجح عندنا مذهب الجمهور، ولا منافاة عندهم بين هذا القيد والقيد الآخر في قوله «في قبره»، بل يضم أحدهما إلى الآخر، وينتج أنه يعذب في قبره، ويوم القيامة. وهذا بين إن شاء الله تعالى.
الشيخ: هذا قد جرى خلاف بين عائشة وبين ابن عمر وغيره من الصحابة، فالسيدة عائشة رضي الله عنها أنكرت هذا الحديث، وقالت: إنما قال عليه السلام هذا الحديث بالنسبة لبعض اليهود كانوا يبكون على ميتهم، لكن علماء الحديث ما وافقوها على الإنكار؛ ذلك لأن الحديث:«إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» رواه جماعة من الصحابة، غير ابن عمر رواه أبوه عمر، وغير عمر وابنه عبد الله رواه أيضًا المغيرة بن شعبة، ولذلك فلا مجال لتوهيم ابن عمر كما فعلت السيدة عائشة، كان يمكن هذا التوهيم لو كان ابن عمر وحده قد روى هذا الحديث، لكن ما دام أن معه أبوه ومعه المغيرة بن شعبة فالثلاثة أحفظ من واحد وهي عائشة.
لو كان ابن عمر لوحده كان يمكن حينئذ أن يغلب رأي عائشة وقولها على قول ابن عمر؛ ذلك بأن السيدة عائشة رضي الله عنها كما تعلمون هي زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تصاحبه ما شاء الله في أكثر الأوقات بخلاف عبد الله بن عمر، فلو كان ابن