عمر هو وحده روى هذا الحديث وخطأته عائشة رضي الله عنها كان يمكن أن نقبل تخطئتها ونتبنى حديثها دون حديث ابن عمر، كما وقع لها في قضية أخرى: وهي أن ابن عمر حدث بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في شهر رجب فقيل لعائشة: اسمعي عبد الله بن عمر ماذا يقول؟ قالت: ماذا يقول؟ قالوا: يقول: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر في شهر رجب، فقالت: لقد غفل عبد الله بن عمر يرحمه الله، ما اعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرة إلا في ذي القعدة.
جاء في بعض الروايات أن عائشة لما ذكرت هذا سمع كلامها ابن عمر فما تكلم بكلمة مما يشعر أنه كأنه شعر بأنه فعلًا هو واهم، لكن حديثنا:«أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» لا سبيل إلى تبني رأي عائشة وتخطئة عبد الله بن عمر كما فعلنا في حديث العمرة لما ذكرته آنفًا أن مع ابن عمر عمر نفسه والمغيرة بن شعبة.
[وهنا] شيء لا بد من ذكره؛ لأن سؤالك الجواب عليه ما تم .. سؤالك كان عن الحديث ما هو المعنى؟
للعلماء قولان في تفسير: يعذب ببكاء أهله عليه:
منهم من يقول: أن العذاب المذكور في الحديث هو عذاب الآخرة، ومنهم من يقول: المقصود بالعذاب هو التألم والحزن، والذي يقول هذا القول يعني: أن الميت يسمع بكاء الأحياء عليه فيأسف لأسفهم ويحزن لحزنهم، هذا هو العذاب [الذي] عناه الرسول في الحديث في قول هذا البعض، أما الأولون وهم الجمهور يقولون: يعذب فعلًا، وهنا يرد قول السيدة عائشة المذكور والمشار إليه آنفًا، أنها لماذا أنكرت هذا الحديث؟ لأنها فهمت أن العذاب هنا هو العذاب بمعنى التألم إما بالنار أو بالزمهرير أو ما شابه ذلك مما هو معروف، فقالت: لماذا يعذب هذا والله عز وجل يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤]؟ أجاب العلماء عن هذه الشبهة: بأن المقصود من الحديث على المعنى الذي ذهب إليه الجمهور أن العذاب المعروف أنه إنما يعني به الميت الذي يموت ولا يوصي ولا ينصح أهله بألا يبكوا عليه، أما إذا قاموا بواجب التذكير والنصيحة ثم بكوا عليه فلا يضره ذلك؛ لأنه قد