صريح قوله في الحديث نفسه:«وجعل رداءه على ظهرها ووجهها»، ويقوي هذا الاحتمال أيضًا ما سيأتي بيانه، فهذه الخصوصية هي التي كان بها يعرف الصحابة حرائره عليه السلام من إمائه، وهي المراد من قولهم المتقدم سلبًا وإيجابًا:«إن يحجبها فهي امرأته وإن لم يحجبها فهي أم ولد».
فيتضح من هذا أن معنى قولهم:«وإن لم يحجبها» أي: في وجهها فلا ينفي حجب سائر البدن من الأمة وفيه الرأس فضلًا عن الصدر والعنق فاتفق الحديث مع الآية والحمد لله على توفيقه.
والخلاصة: أنه يجب على النساء جميعًا أن يتسترن إذا خرجن من بيوتهن بالجلابيب لا فرق في ذلك بين الحرائر والإماء ويجوز لهن الكشف عن الوجه والكفين فقط لجريان العمل بذلك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - مع إقراره إياهن على ذلك.
[جلباب المرأة المسلمة ص (٩٠)]
[الآثار التي تدل على جريان كشف الوجه واليدين للنساء بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -]
ومن المفيد هنا أن نستدرك ما فاتنا في الطبعات السابقة من الآثار السلفية التي تنص على جريان العمل بذلك أيضًا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقول:
١ - عن قيس بن أبي حازم قال:«دخلت أنا وأبي على أبي بكر -رضي الله عنه- وإذا هو رجل أبيض خفيف الجسم عنده أسماء بنت عميس تذب عنه وهي [امرأة بيضاء] موشومة اليدين كانوا وشموها في الجاهلية نحو وشم البربر فعرض عليه فرسان فرضيهما فحملني على أحدهما وحمل أبي على الآخر». [إسناده صحيح].
٢ - عن أبي السليل قال: جاءت ابنة أبي ذر وعليها مِجْنَبَتا صوف سفعاء الخدين ومعها قفة لها، فمثلت بين يديه وعنده أصحابه فقالت: يا أبتاه! زعم الحراثون والزراعون أن أفلُسَك هذه بهرجة فقال: يا بنية ضعيها فإن أباك أصبح بحمد الله ما