بالشرطين المذكورين في أول كلامنا هذا، وهو أن يكون له إمام راتب ومؤذن راتب كما هو الشأن في صلاة الجمعة.
(رحلة النور: ٣٥ ب/٠٠: ٣٧: ٣٧)
[الانتظار للجماعة الثانية]
مداخلة: سئل شيخ الإسلام عن رجل ينتظر الجماعة الثانية، فأجاب -رحمه الله-: إذا تأكد من قيام جماعة ثانية، فلينتظر ليصلي معهم، فهل يُفهم من ذلك أن شيخ الإسلام يقول بجواز الجماعة الثانية في المسجد، وهل يصح قَوْلُه؟
الشيخ: لا شك أن الجواب، أن رأيه هذا ما نراه صواباً ... فتجميع الجماعة الثانية، واللواتي بعدها يعود من الناحية العملية «بالمسخ» على تجميع الجماعة الأولى، كلما كثرت الجماعات بعد الجماعة الأولى، كلما تفرَّقت الجماعة الأولى وقَلَّ عددها، وهذا أمر مشاهد.
أما الأدلة التي توحي إلينا أن هذه الجماعة الثانية -فضلاً عما وراءها- لا تُشْرع، فهو أننا نرى الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم آمر رجالاً فيُحضروا حطباً، ثم أخلُف إلى أناس يُدْعَون إلى الصلاة ثم لا يجيبون، فأُحَرِّق عليهم بيوتَهم، والذي نفس محمد بيده لو يعلم أحدهم أن في المسجد مرماتين حسنتين لشهدها» يعني: صلاة العشاء، فهذا الحديث يشعرنا بأنه لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة أخرى، لأنها لو كانت موجودة، لم تكن حجته عليه السلام قائمة على أولئك المتخلفين عن صلاة الجماعة خلفه عليه السلام، لأنهم سيقولون: نحن نصلي مع الجماعة الثانية أو الثالثة أو غيرها، لكن الحديث يشعرنا شعوراً قوياً جداً، أنه لم يكن في عهد الرسول عليه السلام إلا جماعة واحدة، ولذلك تقوم الحجة على المتخلفين عنها.