يضاف إلى هذا الحديث: الأحاديث التي فيها الوعيد الشديد على المتخلفين عن صلاة الجماعة، منها: حديث ابن مسعود في صحيح مسلم، وهو حديث طويل، يقول فيه:«إنهم كانوا يرون المتخلف عن صلاة الجماعة، أنه منافق معلوم النفاق»، فلا يشك واحد بأن هذا الحديث أو ذاك محمول على الجماعة الأولى، و-حينئذٍ-: لا تجوز الجماعة الثانية، ولا تحقق الغرض المنشود، من هذا الوعيد الشديد من الرسول عليه السلام بالنسبة للمتخلفين عن صلاة الجماعة.
كذلك -مثلاً- الحديث الذي يأمر المصلي، بأن ينطلق إلى المسجد حينما يسمع منادي الله يقول:«حَيّ على الصلاة، حي على الفلاح ... » لما جاءه عمرو ابن أُم مكتوم ليسأله هل له رخصة في أن يتخلف عن صلاة الجماعة، فأجابه في أول الأمر بأنه له ذلك، حينما عرف أنه أعمى، وأنه تَضُرّه الأحجار والأشجار ... إلى آخر ما ذكر من الأعذار في الحديث.
لكن الرسول عليه السلام، وكأنه أوحي إليه بوحي جبريل، قال له: أتسمع النداء؟ قال: نعم، قال: فأجب.
فإذا كان هذا الضرير، ومع تلك الأعذار التي وصفها ببلاغته، لم يُعذر بعدم الاستجابة للمؤذن حين يقول: حَيَّ على الصلاة، فهل يُعْذَر المتخلفون عن الصلاة وهم أقوياء وأصحاء؟ لا شك أنهم لا يُعْذَرون.
فإذا قيل بشرعية الجماعة الثانية، فمعنى ذلك: أنها لهم باب وعذر، ليتداركوا ما فاتهم من التخلف عن صلاة الجماعة.
ثم في فتوى شيخ الإسلام -رحمه الله- مخالفة أخرى -في زعمي- لأن هناك حديثاً في سنن أبي داوود عن معاذ بن جبل أو في قصة معاذ بن جبل بأنه عليه السلام قال فيها:«اصْنَعوا ما يَصْنع الإمام».
لأن قبل تحكيم هذا الحكم في الإسلام، كان مما هو مشروع في السنة: أنه حين يدخل داخل المسجد ويقف في الصف، يسأل من كان في الصف يُصَلّي: أيُّ ركعة