للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم إطالة الغرة والتحجيل؟]

[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء».

[قال الإمام]:

صحيح من حديث أبي هريرة مصرحا بسماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وله عنه طريقان: الأولى: عن خلف بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم قال: «كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضأ للصلاة، فكان يمد يده حتى يبلغ إبطه، فقلت له: يا أبا هريرة ما هذا الوضوء؟ فقال: يا بني فروخ أنتم ها هنا؟ ! لو علمت أنكم ها هنا ما توضأت هذا الوضوء! سمعت خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: » فذكره.

هل في الحديث ما يدل على استحباب إطالة الغرة والتحجيل؟ والذي نراه إذا لم نعتد برأي أبي هريرة رضي الله عنه - أنه لا يدل على ذلك، لأن قوله: «مبلغ الوضوء» من الواضح أنه أراد الوضوء الشرعي، فإذا لم يثبت في الشرع الإطالة، لم يجز الزيادة عليه كما لا يخفى. على أنه إن دل الحديث على ذلك، فلن يدل على غسل العضد لأنه ليس من الغرة ولا التحجيل، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله تعالى في «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح» «١/ ٣١٥ - ٣١٦»: «وقد احتج بهذا الحديث من يرى استحباب غسل العضد وإطالته، والصحيح أنه لا يستحب، وهو قول أهل المدينة، وعن أحمد روايتان، والحديث لا يدل على الإطالة فإن الحلية إنما تكون زينة في الساعد والمعصم، لا في العضد والكتف». واعلم أن هناك حديثا آخر يستدل به من يذهب إلى استحباب إطالة الغرة والتحجيل وهو بلفظ: «إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل». وهو متفق عليه بين الشيخين، لكن قوله: «فمن استطاع ... » مدرج من قول أبي هريرة ليس من حديثه - صلى الله عليه وسلم - كما شهد بذلك جماعة من الحفاظ كالمنذري وابن تيمية وابن القيم والعسقلاني وغيرهم وقد بينت ذلك بيانا شافيا في «الأحاديث الضعيفة» فأغنى عن الإعادة، ولو صحت هذه الجملة لكانت نصا على استحباب إطالة الغرة

<<  <  ج: ص:  >  >>