بعضهم: يركب يوم النحر ويمشي في الأيام التي بعد يوم النحر، «قال أبو عيسى» وكأنه من قال هذا إنما أراد اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في فعله، لأنه إنما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ركب يوم النحر حيث ذهب يرمي الجمار، ولا يرمي يوم النحر إلا جمرة العقبة». قلت: رميه - صلى الله عليه وسلم - جمرة العقبة راكبا هو في حديث جابر الطويل في «حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -» من رواية مسلم وغيره «ص ٨٢ - الطبعة الثانية» ولذلك فحديث ابن عمر يفسر على أنه أراد الجمار في غير يوم النحر توفيقا بينه وبين حديث جابر. والله أعلم. ثم رأيت ما يؤيد ذلك من رواية عبد الله بن عمر عن نافع بلفظ:«عن ابن عمر أنه كان يأتي الجمار في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر ماشيا ذاهبا وراجعا، ويخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك». أخرجه أبو داود «١٩٦٩» وأحمد «٢/ ١٥٦». وفي رواية له «٢/ ١١٤ و ١٣٨»: «كان ابن عمر يرمي جمرة العقبة على دابته يوم النحر، وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا ماشيا ذاهبا وراجعا، وزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يأتيها إلا ماشيا ذاهبا وراجعا». ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عمر وهو المكبر أخو عبيد الله بن عمر المصغر الذي في الطريق الأولى، وهو سيء الحفظ، لكن موافقته لأخيه في بعضه، ولحديث جابر في بعضه الآخر، دليل على أنه قد حفظ. والله أعلم.
السلسلة الصحيحة (٥/ ١٠٣ - ١٠٤).
[التقاط الجمرات يكون من منى لا مزدلفة]
[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة».
ترجم له الإمام بقوله: التقاط الجمرات من منى لا مزدلفة.
ثم قال:«فائدة»: ترجم النسائي لهذا الحديث بقوله: «من أين يلتقط الحصى؟ »، فأشار بذلك إلى أن الالتقاط يكون من منى، والحديث صريح في ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمرهم به حين هبط محسرا، وهو من منى كما في رواية مسلم والبيهقي وعليه يدل ظاهر حديث ابن عباس قال: قال لي رسول الله غداة العقبة وهو على راحلته: هات القط لي، فلقطت له حصيات هن حصى الخذف، فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في