[حول القول بجواز سفر المرأة بدون محرم إذا كانت مع رفقة آمنة؟]
مداخلة: يسأل السائل فيقول: نرجو المزيد من التوضيح حول رأي الإمام مالك رحمه الله في جواز سفر المرأة بدون محرم مع الرفقة الآمنة من النساء، وما دليله؟ وبعض العلماء يستدل على هذا الجواز من حديث:«إن الظعينة تسير من اليمن إلى العراق لا تخشى إلا الله والذئب على الغنم» نرجو المزيد من التوضيح.
الشيخ: أما الحديث فليس فيه دليل؛ لأن الظعينة هي المرأة، والدعوى أن هناك نساء يسافرن بعضهم مع بعض، الحديث فيه أن المرأة تسافر، فلو أراد الرجل أن يستدل بالحديث لادعى أنه يجوز للمرأة الوحيدة أن تسافر؛ لأن الحديث هذا هو دلالته، ولكن ليس في الحديث ما يدل على جواز سفر المرأة لوحدها؛ لأن الحديث لم يأت تشريعًا وإنما جاء خبرًا غيبيًا، والأخبار الغيبية إنما [تُخبِر] عما يقع سواء كان الواقع ممدوحًا أو مذمومًا، فقوله عليه السلام مثلًا:«لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس بالبنيان» هذا لا يعني أن التطاول بالبنيان أمر مشروع في الإسلام، وإنما هذا خبر غيبي يتحدث عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليقدم إلى الناس دليلًا بعد أدلة على صدق نبوته عليه السلام؛ لأنه ليس من طاقة الناس عادة أن يتحدثوا عن المغيبات.
كذلك مثلًا من الأخبار أن الساعة لا تقوم حتى يتسافد الناس في الطرقات تسافد الحمير، فهذا خبر عما سيقع وليس فيه بيان شرعية هذا المخبر به، وهكذا قوله عليه السلام عن الظعينة لا يتضمن حكمًا شرعيًا وإنما هو خبر من أخبار الغيب، لا سيما والاستدلال بهذا الحديث فيه تعطيل لأحاديث جاءت خاصة بتشريع حكم بين الناس، وهي الأحاديث التي وردت بألفاظ عديدة:«لا تسافر المرأة سفرًا ثلاثة أيام إلا ومعها محرم» في بعض الروايات وهي أعم وأشمل: «لا تسافر امرأة سفرًا - أي: مطلقًا - إلا ومعها محرم» هذه الأحاديث جاءت للتشريع