للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إيراد على القول بوجوب السترة وجوابه]

مداخلة: روى البخاري في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «أقبلت راكباً على حمار أتانٍ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، والرسول عليه الصلاة والسلام قائماً يصلي بالناس إماماً في حجة الوداع إلى غير جدار» فالسؤال: فهل يقال دل هذا الحديث على صرف الأحاديث الآمرة باتخاذ السترة من الوجوب إلى الاستحباب؟

الشيخ: لا، لا يدل هذا الحديث على ما جاء في السؤال من صرف الأوامر من الوجوب إلى الاستحباب؛ لسببين اثنين:

السبب الأول: أن بعض الأحاديث تنص على بطلان الصلاة فيما إذا مر ثلاثة أنواع، ومنها: الحمار والمرأة البالغة والكلب الأسود.

فحينئذٍ: لو احتججنا بهذا الحديث أبطلنا الحديث إبطالاً، بينما يمكن صرف الأحاديث الآمرة باتخاذ السترة من الوجوب إلى الاستحباب، هذا السؤال بالنسبة لهذا النوع من الأحاديث وارد، وإن كان الجواب ستسمعوه.

لكن هذا السؤال غير وارد بالنسبة للحديث اللِّي بيقول: إنه يقطع صلاة أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل: الحمار والمرأة والكلب الأسود.

ولكن الجواب الجذري عن هذا الحديث: أنه هو نفى أن يكون صلى إلى جدار، فليس هناك في منى جدار أو جدر، ممكن يكون هناك صخرة ناتئة من الأرض، تكون جزءاً من الأرض، ومرتفعة قدر مُؤَخِّرة الرحل، فيمكن يكون هذه سترة الرسول عليه السلام لم يشهدها لها الراوي، لذلك جاء في هذه الرواية التصريح بنوع السترة المنفي، وهو الجدار، وإن كان قد تأتي بعض الروايات أنه لم يُصلِّ إلى سترة، فتُحْمَل على ذكر الروايات التي يظهر منها النفي مطلقاً، على أنه يقصد المفسَّر في الرواية السابقة وهو الجدار.

<<  <  ج: ص:  >  >>