للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اختلاف العلماء في حكم إجابة المؤذن وكيفية الإجابة]

واعلم أن العلماء اختلفوا هنا في موضعين:

الأول: في حكم إجابة المؤذن: فذهب قوم من السلف وغيرهم إلى وجوب ذلك على السامع عملا بظاهر الأمر الذي يقتضي الوجوب، وبه قال الحنفية وأهل الظاهر وابن رجب كما في «الفتح».

وخالفهم آخرون فقالوا: ذلك على الاستحباب لا على الوجوب حكى ذلك كله الطحاوي في «شرح المعاني».

وفي «شرح مسلم»: «الصحيح الذي عليه الجمهور أنه مندوب». وبهذا قال الشافعية وبعض علمائنا الحنفية.

قال الحافظ: «واستدل للجمهور بحديث أخرجه مسلم وغيره أنه - صلى الله عليه وسلم - سمع مؤذنا فلما كبر قال: «على الفطرة» فلما تشهد قال: «خرج من النار». قال: فلما قال عليه الصلاة والسلام غير ما قال المؤذن علمنا أن الأمر بذلك للاستحباب، وتعقب بأنه ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ما قال فيجوز أن يكون قاله ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة ونقل القول الزائد ويحتمل أن يكون ذلك وقع قبل صدور الأمر، ويحتمل أن يكون الرجل لما أمر لم يرد أن يكون نفسه في عموم من خوطب بذلك».

قلت: ولعل من حجة الجمهور ما في «الموطأ» أن الصحابة كانوا إذا أخذ المؤذن بالأذان يوم الجمعة أخذوا هم في الكلام فإنه يبعد جدا أن تكون الإجابة واجبة فينصرف الصحابة مع ذلك منها إلى الكلام فراجع «الموطأ».

ومثله ما رواه ابن سعد عن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: رأيت عثمان بن عفان والمؤذن يؤذن وهو يتحدث إلى الناس يسألهم ويستخبرهم عن الأسعار والأخبار. وسنده صحيح على شرط الشيخين.

والموضع الثاني: اختلفوا في الإجابة كيف تكون على أربعة مذاهب:

<<  <  ج: ص:  >  >>