وأنا أقول بهذا الكلام حتى في الأدوية التي يكون فيها مصرحًا بأن فيها نسبة معينة من الكحول، لكني أفرق بين دواء نصنعه في بلادنا فهذا لا يجوز فالحكم كما قلنا عن المشروبات، لا يجوز صنعه ولا يجوز استعماله لما فيه من التعاون على المنكر كما قلت، فهذا صحيح، لكن إذا كان الصانعون لهذه المشروبات أو لتلك الأدوية التي ثبت أن فيها كحول، إذا كان الصانعون لها غير مسلمين وتأتينا جاهزة فحينئذ يجوز لنا استعمالها؛ لأننا لا نعين المسلم على المنكر، فهذا كلام صحيح.
ولكن لا بد من لفت النظر إلى ما جاء في تضاعيف كلامك مما يشعرني أنا على الأقل أنه لم يكن في كلامك تفريق بين الخل التي كانت أصلًا خمرًا فتخللت بطبيعتها، وبين الخمر التي حولت صنعًا من المسلم، فالأحاديث التي ذكرتها ومنها حديث أبي طلحة الأنصاري الذي كان له أيتام وكان يتاجر لهم بالخمر، فحينما حرمت الخمر جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال:«عندي زقاق من خمر أفأخللها؟ قال: لا، بل أهرقها» أي: صبها أرضًا، فلا شك أن تحويل الخمر إلى خل هذا حرام لا يجوز؛ لأن ذلك يستلزم أن يكون في دار المسلم خمر محرمة، أما إذا كان هناك خل أصله خمر تحولت هذه الخمرة إلى خل فهذا لا يقال بأنه لا يجوز؛ لأنه لم يكن خمرًا قصد تحويله إلى خل.
خلاصة القول: يجب التفريق بين الخل الذي تحول أصله الخمر إلى خل بسبب العوامل الجوية أو الطبيعية كما يقولون، وبين الخل الذي كان أصله خمرًا ثم تقصد صاحبها تحويلها إلى خل فهذا لا يجوز.
(فتاوى جدة - ٢/ ٠٠: ٠٤: ٢٩)
[تحريم الخمر]
[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة