مداخلة: أقمنا في مسجدنا مكتبة صوتية تحوي أشرطة العلماء الدعوة السلفية؛ وذلك حتى يتسنى للأميين خاصة والشباب عامة التعرُّف عن هذه الدعوة المباركة الطيبة، وجعلنا لمن يريد أن يشارك في نشاط هذه المكتبة والتسجيل فيها أن يدفع أجراً زهيداً كحق للتسجيل أولاً، وأن يدفع على كل شريط يستعيره أجراً أزهد من الأول لمن كان في مقدوره ذلك، وذلك حتى يتمكن القائمون على هذه المكتبة القيام بمصاريفها، ولأن تسجيل الأشرطة يكون داخل المسجد وبواسطة الإمكانات الموجودة في المسجد، وهي داخلة في نطاق مساعدة هذه المكتبة، ووجدنا إقبالاً منقطع النظير، وبخاصة في الإقبال على أشرطة الشيخ حفظه الله، فهل يجوز هذا العمل وبخاصة دفع حقوق التسجيل والإعارة؟
الشيخ: أقول هذا العمل يجوز والله أعلم لسببين اثنين، مع قيد لا بد من ذكره ..
السبب الأول: أن المنهي في المسجد هو البيع والشراء، وهنا لا شيء من ذلك.
ثانياً: النهي عن البيع والشراء في المسجد أمر معقول المعنى، ليس أمراً تعبدياً غير معقول المعنى، يشير إلى ذلك قوله عليه السلام لما سمع من ينشد ضالة في المسجد:«لا ردَّ الله عليك ضالتك، إن المساجد لم تُبْنَ لهذا».
الشيخ: الشاهد: هناك أحاديث تنهى عن نُشْدَان الضالة، وأحاديث تنهى عن البيع والشراء في المسجد، هي معقولة المعنى وليست تعبدية، ما هي معقوليتها؟ من معقولية قوله عليه السلام في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مالك في «موطئه» وأبو داود في «سننه» وغيرهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع لَجّة أو ضجة في المسجد يوماً وهو في بيته، فكشف الستار وقال:«يا أيها الناس كُلُكم يناجي ربه، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة» وفي رواية «بالقرآن» زاد غير من ذكرنا ألا وهو «البغوي»«فتؤذوا المؤمنين»«لا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة، فتؤذوا المؤمنين».
فإذا فُتح باب البيع والشراء في المسجد، انقلب المسجد إلى سوق، وخرج عن الغاية التي بُنيت من أجلها المساجد، وصار هناك تشويش بالغ التأثير أكثر بكثير من