أحمد المتقدم، إنما هو على رواية النصب، فإذا صحت هذه الرواية، فلا ينبغي تفسير «غرار التسليم» بحيث يشمل تسليم غير المصلي على المصلي، كما هو ظاهر كلام الإمام أحمد، وإنما يقتصر فيه على تسليم المصلي على من سلم عليه، فإنهم قد كانوا في أول الأمر يردون السلام في الصلاة، ثم نهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليه يكون هذا الحديث من الأدلة على ذلك. وأما حمله على تسليم غير المصلي على المصلي، فليس بصواب لثبوت تسليم الصحابة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير ما حديث واحد، دون إنكار منه عليهم، بل أيدهم على ذلك بأن رد السلام عليهم بالإشارة، من ذلك حديث ابن عمر قال:«خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قباء، يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه، وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه، وهو يصلي، قال: يقول: هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون - أحد رواة الحديث - كفه وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق.
أخرجه أبو داود وغيره، وهو حديث صحيح كما بينته في تعليقي على «كتاب الأحكام» لعبد الحق الإشبيلي «رقم الحديث ١٣٦٩»، ثم في «صحيح أبي داود»«٨٦٠» وقد احتج به الإمام أحمد نفسه وذهب إلى العمل به، فقال إسحاق بن منصور المروزي في «المسائل»«ص ٢٢»: قلت: تسلم على القوم، وهم في الصلاة؟ قال: نعم، فذكر قصة بلال حين سأله ابن عمر: كيف كان يرد؟ قال: كان يشير. قال المروزي:«قال إسحاق كما قال».
السلسلة الصحيحة (١/ ٢/ ٦٣٠ - ٦٣٢).
[خلاف أهل العلم في حكم الكلام أثناء الصلاة]
مداخلة: كنت قد كَلَّفتني أن أبحث للتكلم في الصلاة عامداً؛ لإصلاحها.
الشيخ: أي نعم.
مداخلة: فوجدت يا شيخنا أن في أقوال عند الإمام مالك، أنه يجوز ذلك ولا تَفْسُد صلاته، وهذا قول «الإمام مالك» في «المدونة».