أما: ما هو الذي ينفع غيره؟ فهو أن يدعو للميت، وليس هناك ما يدعو به إلا ما شُرِع، أو بالأحرى سَنّ لنا رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - في عديد من الأحاديث الصحيحة، منها حديث عائشة وحديث بريدة وأمثالُهما أن النبي ... - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا زار القبور قال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط ونحن لكم تَبَع، نسأل الله لنا ولكم العافية» وقد يقول أحيانا: «اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم» فهذا الدعاء للميت هو الذي يرجى له النفع، فإذا زار الابن والده، ماذا يريد من هذه الزيارة؟ ينبغي أن يريد ما ذكرنا -آنفا- أن يتذكر الآخرة لنفسه، وأن يدعوا للمزور منه.
حينذاك لا أتصور مسلما يستحضر هاذين المعنيين، أحدهما ما يتعلق بالزائر، والآخر ما يتعلق بالمزور، أنه يخص أباه بالزيارة دون موتى المسلمين، إذًا: هذا يكون رجلا جاهلا ..
(الهدى والنور/٧٦٦/ ٤٣: ٤٨: ٠٠)
[الحج عن الميت هل يكون بأجرة أو بغير أجرة؟]
مداخلة: الحج عن الميت، بأجرة أو بغير أجرة ... نريد التفصيل فيه يا شيخ.
الشيخ: أولًا: الحج عن الميت ليس على إطلاقه؛ لأن القاعدة كما قال تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] وقد جاء في موطأ الإمام مالك من أثر عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا يصوم أحد عن أحد، ولا يحج أحد عن أحد، فعلى هذا فينبغي أن نظل على هذه القاعدة إلا ما استثني، وفيما علمت ليس هناك ما صح استثناؤه إلا ما هو داخل تحت هذه القاعدة:{وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] فحج الولد مثلًا عن أبيه .. عن أمه قد جاء في ذلك أحاديث، وحسبكم في ذلك شهرة حديث الخثعمية التي لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فسألته عن أبيها قالت:«إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الرحل أفأحج عنه»؟ قال:«حجي عنه».