- وإذا قَلَّت الاكفان، وكثُرت الموتى، جاز تكفين الجماعة منهم في الكفن الواحد، ويقدم أكثرهم قرآنا إلى القبلة، لحديث أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم أحد، مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحمزة بن عبد المطلب، وقد جُدِع ومُثِّلَ به، فقال: «لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية (١) حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع» فكفنه في نمرة، وكانت إذا خمرت رأسه بدت رجلاه وإذا خمرت رجلاه بدا رأسه، فخمر رأسه، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره، وقال:«أنا شاهد عليكم اليوم» قال: وكثرت القتلى، وقلت الثياب، قال: وكان يجمع الثلاثة والاثنين في قبر واحد، ويسأل أيهم أكثر قرآنا، فيقدم في اللحد، وكفن الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد.
- قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:«معنى الحديث أنه كان يقسم الثوب الواحد بين الجماعة، فيكفن كل واحد ببعضه للضرورة، وإن لم يستر إلا بعض بدنه، يدل عليه تمام الحديث أنه كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه في اللحد، فلو أنهم في ثوب واحد جملة لسأل عن أفضلهم قبل ذلك كي لا يؤدي إلى نقض التكفين وإعادته».
ذكره في «عون المعبود»«٣/ ١٦٥»، وهذا التفسير هو الصواب، وأما قول من فسره على ظاهره فخطأ مخالف لسياق القصة كما بينه ابن تيمية، وأبعد منه عن الصواب من قال: معنى ثوب واحد قبر واحد! لأن هذا منصوص عليه في الحديث فلا معنى لاعادته.
أحكام الجنائز [٧٩].
(١) هي السباع والطير التي تقع على الجيف كلها، ويجمع على العوافي. [منه].