وكان - صلى الله عليه وسلم - «ربما جهر بالقراءة فيها، وربما أسرَّ»؛ يقصر القراءة فيها تارة، ويطيلها أحياناً، ويبالغ في إطالتها أحياناً أخرى، حتى قال ابن مسعود:«صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فلم يزل قائماً حتى هَمَمْتُ بأمر سوء! قيل: وما هَمَمْتَ؟ ! قال: هَمَمْتُ أن أقعد وأَذَرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -».
وقال حُذيفة بن اليمان:«صلّيت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح «البَقَرَة». فقلت: يركع عند المئة. ثم مضى. فقلت: يصلي بها في ركعة. فمضى. فقلت: يركع بها. ثم افتتح «النِّسَاء»، فقرأها، ثم افتتح «آلِ عِمْرَان»، فقرأها. يقرأ مترسلاً: إذا مَرَّ بآية فيها تسبيح؛ سبح، وإذا مَرَّ بسؤال؛ سأل، وإذا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ؛ تَعَوَّذَ، ثم ركع. .. » الحديث.
قوله:«يصلي بها في ركعة»: أي: في ركعتين. أفاده النووي؛ فيعاد النظر في ألفاظ الحديث! ثم راجعت ابن نصر؛ فإذا فيه: ركعتين.
قوله:«إذا مَرَّ بآية فيها تسبيح؛ سبح .. إلخ» قال في «شرح مسلم»: «فيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ؛ في الصلاة وغيرها. ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد». زاد في «المجموع»«٤/ ٦٦»: لأنه دعاء؛ فاستووا فيه؛ كالتأمين.
قال: وسواء صلاة الفرض والنفل.
قال: وقال أبو حنيفة رحمه الله: يكره السؤال عند آية الرحمة، والاستعاذة في الصلاة.
وقال بمذهبنا جمهور العلماء من السلف فمن بعدهم. اهـ.
وأقول: أذكر أن الإمام محمداً رحمه الله قد صرح بجواز ذلك واستحبابه في كتابه «الآثار»، ولكنه خصه بالتطوع دون الفرض، والدليل يساعده، وقد أردت أن