الشيخ: الضرائب هي التي تسمى بلغة الشرع: بالمكوس، والمكوس من المتفق بين العلماء المسلمين أنها لا تجوز إلا في حالة واحدة يتحدث عنها بحجة بينة الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم: الاعتصام، حيث يتكلم فيه بكلام علمي دقيق قلما نجده في كتاب آخر سواه، يفرق فيه بين البدعة التي أكد في بحثه في هذا الكتاب أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» أن هذا القول الكريم هو على إطلاقه وعمومه وشموله وأنه ليس في الإسلام ما يسميه بعض المتأخرين بالبدعة الحسنة؛ لأن هذه البدعة الحسنة أولًا لا دليل عليها في الكتاب ولا في السنة، وثانيًا: هي مخالفة لعموم الأحاديث التي تطلق ذم البدعة إطلاقًا شاملًا كلما تعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - لذكرها فإنه يطلق الذم عليه ولا يقيدها بقيد ما كمثل الحديث السابق، ومثل الحديث الآخر الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنها هذا ما ليس منه فهو رد».
أكد الإمام الشاطبي في كتابه المشار إليه آنفًا أن هذه الأحاديث على عمومها وشمولها، فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، ولكنه من إحسانه في البحث العظيم تعرض لما يسمى أو يعرف عند بعض العلماء بالمصالح المرسلة، هذه المصالح المرسلة التي تلتبس على بعض المتأخرين من الذين ذهبوا إلى القول بأن في الدين بدعة حسنة تختلط عليهم المصالح المرسلة بالبدعة الحسنة، وشتان ما بينهما:
المصلحة المرسلة التي يتبناها بعض العلماء ومنهم إمامنا هذا الشاطبي رحمه الله، المصلحة المرسلة هي التي توجبها ظروف وضعية أو زمنية تؤدي إلى تحقيق مصلحة شرعية، فهذه ليس لها علاقة بالبدعة التي يستحسنها بعض الناس؛ لأن البدعة التي يسمونها بالبدعة الحسنة إنما يقصدون بها زيادة التقرب إلى الله تبارك وتعالى، وهذه الزيادة لا مجال فيها في دائرة الإسلام الواسعة التي جاء فيها .. أو مما