واعلم أن كثيرا من علماء أعرضوا عن العمل بهذه الأحاديث لشبهات قامت لديهم ظنوها أدلة ولا يزال كثيرون منهم يتمسكون بها على أنها حجج تسوغ لهم ترك هذه الأحاديث ولذلك رأيت أنه لا بد من حكاية تلك الشبهات والرد عليها كي لا يغتر بها من لا علم عنده بطرق الجمع بين الأحاديث فيقع في مخالفة الأحاديث الصحيحة المحكمة بدون حجة أو بينة فأقول:
دعوى الإجماع على إباحة الذهب مطلقا للنساء وردها
١ - ادعى بعضهم الإجماع على إباحة الذهب مطلقا للنساء وهذا مردود من وجوه:
الإجماع الصحيح:
الأول: أنه لا يمكن إثبات صحة الإجماع في هذه المسألة وإن نقله البيهقي في «سننه» ٤/ ١٢٤ وغيره مثل الحافظ ابن حجر في «الفتح» ولكن هذا كأنه أشار لعدم ثبوته حين قال: ١٠/ ٢٦٠ في بحث خاتم الذهب: «فقد نقل الإجماع على إباحته للنساء» ويأتي قريبا ما يبطل هذا الإجماع وذلك لأنه لا يستطيع أحد أن يدعي أنه إجماع معلوم من الدين بالضرورة وغير هذا الإجماع مما لا يمكن تصوره فضلا عن وقوعه ولهذا قال الإمام أحمد رضي الله عنه: «من ادعى الإجماع فهو كاذب [وما يدريه؟ ] لعل الناس اختلفوا».
رواه ابنه عبد الله في «مسائله» ص ٣٩٠.
وتفصيل القول في هذا الموضوع الخطير ليس هذا موضعه فليراجع من شاء التحقيق بعض كتب علم أصول الفقه التي لا يقلد مؤلفوها من قبلهم! مثل:«أصول الأحكام» لابن حزم ٤/ ١٢٨ - ١٤٤ و «إرشاد الفحول» للشوكاني ونحوهما.