الإباضية مما يؤكد أنهم من أهل الأهواء المتوعدين بقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.
السلسلة الصحيحة (٦/ ٢/ ١٠٥٩).
[ثبوت مشروعية المسح على الخفين]
عن عوف بن مالك: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمسح علي الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم» رواه أحمد. صحيح.
وفي معنى هذا الحديث أحاديث كثيرة صحيحة في مسلم والسنن وغيرهما وقد تكلمت على بعضها وخرجتها في «صحيح أبي داود» «رقم ١٤٥» وليس في شيء منها أن الأمر بالمسح كان في غزوة تبوك ولذلك قال أحمد: هذا من أجود حديث في المسح على الخفين لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها, نقلته عن نصب الراية, وكانت الغزوة المذكورة في شهر رجب سنة تسع, كما في كتب المغازي.
قلت: ومثله بل أجود منه حديث جرير المتقدم «٩٩» , فإن في رواياته الصحيحة أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين بعد نزول سورة المائدة, وهي آخر سورة نزلت, كما قالت عائشة وعبد الله بن عمر, فيما رواه الحاكم «٢/ ٣١١» بإسنادين صحيحين عنهما, وقد قال ابن سعد: إن إسلام جرير كان في السنة التي توفي فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - , وكأنه يعني السنة العاشرة, لا سنة إحدى عشر, فقد ثبت في الصحيحين أن جريرا شهد معه - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع.
وبالجملة فقصة جرير في المسح متأخرة عن قصة عوف هذه, فهي من هذه الوجهة أجود منها, والله أعلم.
[إرواء الغليل تحت حديث رقم (١٠٢)]