ومن العجيب أن النووي بعد أن صرح في الأذكار بكراهة السلام على المصلي قال ما نصه:«والمستحب أن يرد عليه في الصلاة بالإشارة، ولا يتلفظ بشيء». أقول: ووجه التعجب أن استحباب الرد فيه أن يستلزم استحباب السلام عليه والعكس بالعكس، لأن دليل الأمرين واحد، وهو هذا الحديث وما في معناه، فإذا كان يدل على استحباب الرد، فهو في الوقت نفسه يدل على استحباب الإلقاء، فلو كان هذا مكروها لبينه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو بعدم الإشارة بالرد، لما تقرر أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وهذا بين ظاهر والحمد لله. ومن ذلك أيضا السلام على المؤذن وقارئ القرآن، فإنه مشروع، والحجة ما تقدم فإنه إذا ما ثبت استحباب السلام على المصلي، فالسلام على المؤذن والقارئ أولى وأحرى. وأذكر أنني كنت قرأت في المسند حديثا فيه سلام النبي - صلى الله عليه وسلم - على جماعة يتلون القرآن، وكنت أود أن أذكره بهذه المناسبة وأتكلم على إسناده، ولكنه لم يتيسر لي الآن. وهل يردان السلام باللفظ أم بالإشارة؟ الظاهر الأول، قال النووي:«وأما المؤذن فلا يكره له رد الجواب بلفظه المعتاد لأن ذلك يسير، لا يبطل الأذان ولا يخل به».
السلسلة الصحيحة (١/ ١/ ٣٥٩ - ٣٦١).
[مشروعية سلام غير المصلي على المصلي]
[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «لا غرار في صلاة، ولا تسليم».
[قال الإمام]:
فائدة: قال ابن الأثير في «النهاية»: «الغرار» النقصان، وغرار النوم قلته، ويريد بـ «غرار الصلاة» نقصان هيأتها وأركانها، و «غرار التسليم» أن يقول المجيب «وعليك» ولا يقول «السلام»، وقيل: أراد بالغرار النوم، أي ليس في الصلاة نوم. و «التسليم» يروى بالنصب والجر، فمن جره كان معطوفا على الصلاة كما تقدم، ومن نصب كان معطوفا على الغرار، ويكون المعنى: لا نقص ولا تسليم في صلاة، لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز. قلت: ومن الواضح أن تفسير الإمام