[قال الإمام في مقدمة تعليقه على رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية حجاب المرأة ولباسها في الصلاة في ذكر محاسن الكتاب]: ومن ذلك أنه رجح مذهب الشافعي وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز وإن كانت الشهوة منتفية لأنه يخاف ثورانها.
وقال «ص ٣٤»: ولهذا حرم الخلوة بالأجنبية لأنها مظنة الفتنة والأصل أن ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة ولهذا كان النظر الذي قد يفضي إلى الفتنة محرما
أقول: ولو أن العلماء قديما والكتاب حديثا راعوا هذا الأصل الذي ذكره: «ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز» وجعله دليلا مرجح لتحريم النظر المذكور لما تورطوا في إصدار بعض الفتاوى التي لا يشك المتفقه في أصول الشريعة وفروعها أنها تؤدي إلى مفاسد ظاهرة كقول بعض الحنفية: يجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثدييها (١).
وقول بعض المذاهب:«يجوز النظر إلى المرأة الأجنبية وعورتها من المرآة»
وعلل ذلك بعضهم بأنه إنما ينظر إلى خيال وتبنى ذلك اليوم - مع الأسف - أحد الأحزاب الإسلامية الذي يأخذ من كل مذهب ما يناسب المصلحة بزعمه ولم يقف عند هذا فحسب بل إنه جعله كالنص المعصوم فرتب عليه ما هو أشد إفسادا من الأول لأنه أمس بحياة شبابنا اليوم وواقعهم وهو جواز النظر إلى الصور الخلاعية في التلفزيون والسينما والمجلات معللا ذلك بما تقدم أنه إنما ينظر إلى خيال وكل ذي عقل ولب حتى ولو كان غير مسلم يعلم يقينا أن هذه الصور من أشد
(١) انظر: "أحكام القرآن" لأبي بكر الجصاص الحنفي «٣/ ٣٩٠» وكتابي "حجاب المرأة" «ص ٤٤» فإن فيه ردا على القول المذكور ومع ذلك لم ننج من أن يتهمنا بعض الحنفية أنفسهم بأني أبيح النظر إلى وجه المرأة وأخشى ما أخشاه أي يكون ذلك على قول المثل: رمتني بدائها وانسلت. [منه]