[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة».
[قال الإمام]: واعلم أن العلماء اختلفوا في شرطية المسجد للاعتكاف وصفته .. وليس في ذلك ما يصح الاحتجاج به سوى قوله تعالى:{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وهذا الحديث الصحيح، والآية عامة، والحديث خاص، ومقتضى الأصول أن يحمل العام على الخاص، وعليه فالحديث مخصص للآية ومبين لها، وعليه يدل كلام حذيفة وحديثه، والآثار في ذلك مختلفة أيضا، فالأولى الأخذ بما وافق الحديث منها كقول سعيد بن المسيب: لا اعتكاف إلا في مسجد نبي. أخرجه ابن أبي شيبة وابن حزم بسند صحيح عنه. ثم رأيت الذهبي قد روى الحديث في «سير أعلام النبلاء»«١٥/ ٨٠» من طريق محمود بن آدم المروزي: حدثنا سفيان به مرفوعا، وقال:«صحيح غريب عال». وعلق عليه الشيخ شعيب بعد ما عزاه للبيهقي وسعيد بن منصور بقوله:«وقد انفرد حذيفة بتخصيص الاعتكاف في المساجد الثلاثة»! وهذا يبطله قول ابن المسيب المذكور، فتنبه. على أن قوله هذا يوهم أن الحديث موقوف على حذيفة، وليس كذلك كما سبق تحقيقه، فلا تغتر بمن لا غيرة له على حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخالف، والله عز وجل يقول:«فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم».