«لا ربا بين أهل الحرب وأهل الإسلام». منكر. قال الشافعي في «الأم»«٧/ ٣٢٦» - وعنه البيهقي في «المعرفة»«٧/ ٤٧ - ٤٨» -: «قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لو أن مسلماً دخل أرض الحرب بأمان فباعهم الدرهم بالدرهمين، لم يكن بذلك بأس، لأن أحكام المسلمين لا تجري عليهم، فبأي وجه أخذ أموالهم برضى منهم، فهو جائز».
قال الأوزاعي: الربا عليه حرام في أرض الحرب وغيرها، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وضع من ربا أهل الجاهلية ما أدركه الإسلام من ذلك، وكان أول ربا وضعه ربا العباس بن عبد المطلب، فكيف يستحل المسلم أكل الربا في قوم قد حرم الله عليه دماءهم وأموالهم؟ وقد كان المسلم يبايع الكافر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يستحل ذلك. وقال أبو يوسف: القول ما قال الأوزاعي: لا يحل هذا ولا يجوز، وقد بلغتنا الآثار التي ذكر الأوزاعي في الربا، وإنما أحل أبو حنيفة هذا، لأن بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ... فذكر الحديث. قال الشافعي رحمه الله:«القول كما قال الأوزاعي وأبو يوسف، والحجة كما احتج الأوزاعي، وما احتج به أبو يوسف لأبي حنيفة ليس بثابت، فلا حجة فيه». قلت: ومِن تعصُّب بعض الحنفية لإمامهم أبي حنيفة رحمه الله: قول العيني في «البناية شرح الهداية»«٦/ ٥٧١» عقب قول الشافعي المذكور: «قلت: لا نسلم عدم ثبوته، لأن جلالة قدر الإمام لا تقتضي أن يجعل لنفسه مذهباً من غير دليل واضح. وأما قوله: ولا حجة فيه. فبالنسبة إليه، لأن مذهبه عدم العمل بالمرسلات، إلا مرسل سعيد بن المسيب، والمرسل عندنا حجة على ما عرف في موضعه. والله أعلم». قلت: وهذا رد عجيب غريب لا يصدر من عالم فقيه، ورده من وجوه: الأول: قوله: « .... من غير دليل واضح».