قوله تحت رقم ٤: ويرى الأحناف أن مس الذكر لا ينقض الوضوء لحديث طلق أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل يمس ذكره هل عليه الوضوء؟ فقال:«لا إنما هو بضعة منك» رواه الخمسة وصححه ابن حبان.
قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما هو بضعة منك» فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بين كما ترى وعليه فالحديث ليس دليلا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقا لا ينقض الوضوء بل هو دليل لمن يقول بأن المس بغير شهوة لا ينقض وأما المس الشهوة فينقض بدليل حديث بسرة وبهذا يجمع بين الحديثين وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. والله أعلم.
[تمام المنة ص (١٠٣)]
[الوضوء من مس الذكر إذا مسه بشهوة]
عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عروة يقول: دخلت على مروان بن الحكم، فذكرنا ما يكون منه الوضوء. فقال مروان: ومِنْ مَس الذكر. فقال عروة: ما علمت ذلك! فقال مروان: أخبرتني بسْرَةُ بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«من مَس ذكره فليتوضأ». «إسناده صحيح على شرط البخاري».
وعن عبد الله بن بدر عن قيس بن طَلْقٍ عن أبيه قال: قَدِمنا على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله! ما ترى في مَسِّ الرجلِ ذَكَرَة بعد ما يتوضأ؟ فقال:«هل هو إلا مضْغَةٌ منه- أوقال: بَضْعَةٌ منه؟ ! -». «إسناده صحيح».
[قال الإمام]:
ولست أشك أن حديث بسرة أصح من هذا؛ لأن إسناده أشهر، ولأن له شواهد قوية؛ بخلاف هذا، فليس له إلا شواهد ضعيفة الأسانيد، كما يتببن لك