مداخلة: يقول السائل: إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان [فمكث الرجل في المسجد]؟
الشيخ: نعم، هذا هو الاعتكاف الذي صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة وغيرها، ومن ذلك قولها رضي الله تعالى عنها:«كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر الأخير من رمضان شد المئزر وأيقظ أهله وأحيا ليله» فهذا العشر هو من الأزمان التي يشرع فيها للمسلم أن يخلو مع الله تبارك وتعالى في المسجد لتصفية نفسه مما قد يكون قد ران عليها بسبب مخالطته للناس وللأزواج وللأطفال في بقية أيام سنته.
لكن لا بد لي بهذه المناسبة والدين النصيحة فالذكرى تنفع المؤمنين: أن المشهور عند الناس أن الاعتكاف يجوز في كل مسجد ثم اختلفوا في هذا المسجد فمن قائل: ينبغي أن يكون مسجداً جامعاً وليس المسجد للصلوات الخمس فقط، فذلك لكي لا يضطر المعتكف إلى أحد شيئين .. إلا إذا اعتكف في مسجد جماعة وليس في مسجد جمعة فهو في هذه الحالة يضطر إلى أحد شيئين:
أحدهما: أن يدع الصلاة .. صلاة الجمعة؛ لأنه معتكف في ذاك المسجد الذي لا تقام فيه صلاة الجمعة، وهذا بلا شك ظاهر فساده؛ لأنه يكون أمره كما قيل قديماً في مثل هذا مثله كالذي يبني قصراً ويهدم مصراً، فهو يحافظ على الاعتكاف وهو سنة لكن يضيع الفريضة وهي صلاة الجمعة فلذلك اشترطوا أن يكون اعتكافه في مسجد جمعة، وإن كان الذي اعتكف في مسجد جماعة بإمكانه أن يخرج من هذا المسجد لصلاة الجمعة لكن في هذا إخلال بمعنى الاعتكاف؛ لأنه قد جاء في صحيح البخاري ومسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يخرج من اعتكافه إلا لحاجة الإنسان، يعني: الضرورة، وهذا الإنسان الذي اعتكف في مسجد جماعة وليس مسجد جمعة باستطاعته أن يخرج ويصلي الجمعة في مسجد للجمعة لكن فيه إخلال ولو شكلي للاعتكاف في ذلك المكان.