سعد أبو داود عن سفيان عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال:«أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بطعام وهو بـ «مر الظهران»، فقال لأبي بكر وعمر: ادنوا فكلا، فقالا: إنا صائمان، فقال: ارحلوا لصاحبيكم» الحديث.
[ترجم له الإمام بما ترجمناه به ثم قال]: ففي الحديث توجيه كريم، إلى خلق قويم، وهو الاعتماد على النفس، وترك التواكل على الغير، أو حملهم على خدمته، ولو لسبب مشروع كالصيام، أفليس في الحديث إذن رد واضح على أولئك الذين يستغلون عملهم، فيحملون الناس على التسارع في خدمتهم، حتى في حمل نعالهم؟ ! ولئن قال بعضهم: لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يخدمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن خدمة، حتى كان فيهم من يحمل نعليه - صلى الله عليه وسلم - وهو عبد الله بن مسعود. فجوابنا نعم، ولكن هل احتجاجهم بهذا لأنفسهم إلا تزكية منهم لها، واعتراف بأنهم ينظرون إليها على أنهم ورثته - صلى الله عليه وسلم - في العلم حتى يصح لهم هذا القياس؟ ! وايم الله لو كان لديهم نص على أنهم الورثة لم يجز لهم هذا القياس، فهؤلاء أصحابه - صلى الله عليه وسلم - المشهود لهم بالخيرية، وخاصة منهم العشرة المبشرين بالجنة، فقد كانوا خدام أنفسهم، ولم يكن واحد منهم يخدم من غيره، عشر معشار ما يخدم أولئك المعنيين من تلامذتهم ومريديهم! فكيف وهم لا نص عندهم بذلك، ولذلك فإني أقول: إن هذا القياس فاسد الاعتبار من أصله، هدانا الله تعالى جميعا سبيل التواضع والرشاد.
السلسلة الصحيحة (١/ ١/ ١٦٨ - ١٧٠).
[لا يجوز الصيام في السفر إذا كان يضر الصائم]
عن أبي الزبير قال: سمعت جابرا يقول: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل يقلب ظهره لبطنه، فسأل عنه؟ فقالوا: صائم يا نبي الله! فدعاه، فأمره أن يفطر فقال:«أما يكفيك في سبيل الله ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تصوم؟ ! ».
[قال الإمام]: وفي الحديث دلالة ظاهرة على أنه لا يجوز الصوم في السفر إذا كان يضر بالصائم، وعليه يحمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس من البر الصيام في السفر» وقوله: