للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: والجمع فرع التعارض، وقد أثبتنا أنه لا تعارض؛ فيبقى العمل بالأحاديث على ظاهرها، على أن ما جمعوا به غير معقول؛ وذلك أنهم قالوا: إن المراد بالقطعِ القطعُ عن الخشوع والذكر؛ للشغل بها، والالتفات إليها، لا أنها تفسد الصلاة.

قلت: إنه غير معقول؛ لأنه يؤدي إلى إبطال منطوق الحديث؛ لأنه حصر القطع بالثلاثة المذكورة فيه، وملاحظة المعنى الذي ذكروه يؤدي إلى أن الحصر غير مراد؛ وذلك لأنه لا فرق في الإشغال عن الخشوع بين الرجل المارِّ والمرأة، بل ما الفرق بين المرأة الحائض وغير الحائض على هذا الجمع؟ وكذا لا فرق بين مرور الحمار، والفرس، أو الجمل، ولا بين مرور الكلب الأسود، والكلب الأحمر أو غيره، وقد فَرَّقَ الشارع بينهما نصّاً؛ فكل جمعٍ يؤدي إلى إبطال وإلغاء ما قيده الشارع فهو غير مقبول، وهو على صاحبه مردود؛ فالحق ما ذهب إليه مَنْ ذكرنا في أول البحث من بطلان الصلاة بمرور المرأة الحائض، والحمار، والكلب الأسود.

وأما الكافر، والمجوسي، والخنزير، واليهودي، والنصراني؛ فالقول بذلك متوقف على ثبوت ذلك عنه - صلى الله عليه وسلم -، وقد علمت - مما سبق - أن حديث الكافر منقطع، وحديث الخنزير وغيره مشكوك في رفعه؛ فلا حجة في ذلك حتى يتصل سنده، ويرفع يقيناً متنه.

[أصل صفة الصلاة (١/ ١٣٠)]

[قطع المرأة والكلب الأسود والحمار للصلاة: قطع حقيقي]

[قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]: «تعاد الصّلاة من ممر الحمارِ، والمرأة، والكلْبِ الأسود، وقال: الكلبُ الأسودُ شيطان».

[قال الإمام]:

وإنما خرجت حديث الترجمة؛ لتصريحه بالإعادة المفسر للفظ: «يقطع»، وقد قال به طائفة من السلف كما في «معالم السنن» للخطابي، وانتصر له ابن القيم في «زاد

<<  <  ج: ص:  >  >>