قلت: وروي عن أبي هريرة أيضاً عند الدارقطني، وفيه إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة.
وإسماعيل ضعيف. وشيخه متروك - كما في «التقريب» -.
وبالجملة؛ فالأحاديث المعارضة لأحاديث القطع بالأشياء الثلاثة بعضها صحيح؛ كحديث عائشة، وحديث ابن عباس في بعض ألفاظه، وهي عند التأمل فيها بإنصاف غير معارضة لتلك.
والبعض الآخر صحيح المعارضة، ولكنها غير صحيحة الإسناد؛ فحينئذٍ لا يجوز المعارضة بها.
وقال ابن القيم في «الزاد»«١/ ١١١»: «ومعارض هذه الأحاديث قسمان: صحيح غير صريح، وصريح غير صحيح؛ فلا تُترك لمعارض هذا شأنه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وعائشة رضي الله عنها نائمة في قِبلته، وكأن ذلك ليس كالمار؛ فإن الرجل مُحَرَّمٌ عليه المرور بين يدي المصلي، ولا يكره له أن يكون لابثاً بين يديه، وهكذا المرأة؛ يقطع مرورها الصلاة دون لُبْثِها. والله أعلم».
وأما دعوى بعضهم نسخ تلك الأحاديث؛ فشيء لا برهان عليه، وقد أنكرها كثير من العلماء، حتى من الذين لم يذهبوا إلى ظاهرها؛ كالنووي، وابن حجر وغيرهما.
قال في «المجموع»«٣/ ٢٥١»: «وأما ما يدعيه أصحابنا وغيرهم من النسخ؛ فليس بمقبول؛ إذ لا دليل عليه، ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع - وهي آخر الأمر - أن يكون ناسخاً؛ إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده،
وقد علم وتقرر في الأصول أن مثل هذا لا يكون ناسخاً، مع أنه لو احتمل النسخ؛ لكان الجمع بين الأحاديث مقدماً عليه، إذ ليس فيه رد شيء منها، وهذه أيضاً قاعدة معروفة».