للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا أشار إلى أن الأولى تركه في حديث أبي سعيد الخدري أيضا قال: «ذكر العزل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «ولم يفعل ذلك أحدكم؟ ! » - ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم - «فإنه ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها». وفي رواية فقال: «وإنكم لتفعلون وإنكم لتفعلون وإنكم لتفعلون؟ ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا هي كائنة» (١).

(آداب الزفاف ص ١٣٢)

[الحكم بكراهة في العزل إنما هو فيما إذا لم يقترن بمقصد غير شرعي]

وعلى كل حال فالكراهة عندي فيما إذا لم يقترن مع الأمرين أو أحدهما شيء


= حكم وإنما جعله وأدا من جهة اشتراكهما في قطع الولادة قال بعضهم قوله الوأد الخفي ورد على طريق التشبيه لأنه قطع طريق الولادة قبل مجيئه فأشبه قتل الولد بعد مجيئه".
وقال ابن القيم في التهذيب ٣/ ٨٥:
"فاليهود ظنت أن العزل بمنزلة الوأد في إعدام ما انعقد بسبب خلقه فكذبهم في ذلك وأخبر أنه لو أراد الله خلقه ماصرفه أحد وأما تسميته وأدا خفيا فلأن الرجل إنما يعزل عن امرأته هربا من الولد وحرصا على أن لايكون فجرى قصده ونيته وحرصه على ذلك مجرى من أعدم الولد بوأده لكن ذلك ظاهر من العبد فعلا وقصدا وهذ وأد خفي منه وإنما أراده ونواه عزما ونية فكان خفيا".
فأفاد التشبيه المذكور في الحديث كراهة العزل وأما الاستدلال به على التحريم كما فعل ابن حزم فقد تعقبوه بأنه ليس صريحا في المعنى إذا لا يلزم من تسميته وأدا خفيا على طريق التشبيه أن يكون حراما كما في الفتح أيضا وقد روى ابن خزيمة في حديث علي بن حجر ج ٣ رقم ٣٣ - بترقيمي عن العلاء عن أبيه أنه قال: سألت ابن عباس عن العزل فلم ير به بأسا. وسنده صحيح.
(١) قال الحافظ في الفتح في شرح الرواية الأولى:
"أشار إلى أنه لم يصرح لهم بالنهي وإنما أشار إلى الأولى ترك ذلك لأن العزل إنما كان خشية حصول الولد فلا فائدة في ذلك لأن الله إن كان قدر خلق الولد لم يمنع العزل ذلك فقد يسبق الماء ولا يشعر العازل فيحصل العلوق ويلحقه الولد ولا راد لما قضى الله".
قلت: وهذه الإشارة إنما هي بالنظر إلى العزل المعروف يومئذ وأما في هذا العصر فقد وجدت وسائل يستطيع الرجل بها أن يمنع الماء عن زوجته منعا باتا مثل ما يسمى اليوم بربط المواسير وكيس الكاوتشوك الذي يوضع على العضو عند الجماع ونحوه فلا يرد عليه حينئذ هذا الحديث وما في معناه بل يرد ما ذكر في الأمرين الأولين وخاصة الثاني منهما فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>