للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم صلاة تحية المسجد في أوقات الكراهة]

الشيخ: هذا كلام صحيح، يعني: كل الأوقات التي جاء النهي عن الصلاة فيها إنما يقصد بالنهي التنفل المطلق، أما ما كان له سبب مثل فريضة منسية مثلًا فتذكرها في وقت الكراهة فهو يصليها أو ما كان من النوافل التي لها سبب إن تركت النافلة ذهبت مع ذهاب السبب، فهذه النوافل ذوات الأسباب تشرع صلاتها في الأوقات المكروهة، وهناك أحاديث كثيرة وكثيرة جدًا تدل على هذه القاعدة التي تبناها الإمام الشافعي رحمه الله ومن تبعه، وهناك كتاب نافع جدًا لأحد علماء الحديث في الهند اسمه: إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي سنتي الفجر، من فائدة هذا الكتاب: أنه جمع الأحاديث التي تتعلق بهذه النوافل التي لها أسباب.

وكان من ذلك حديث أخرجه الإمام الترمذي وغيره كأحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى ذات يوم الفجر فلما سلم رأى رجلًا نهض يصلي، فقال له: «أصلاتان معًا؟ » أو قال له: «أتصلي الصبح أربعًا؟ » فلما صلى الرجل قال: يا رسول الله! دخلت المسجد وقد أقيمت الصلاة فصليت معك، ولم أكن قد صليت ركعتي الفجر فهما هاتان، أي: ما صلاه بعد الفرض هما سنة الفجر، فسكت عليه الصلاة والسلام، وكان سكوته هنا إقرارًا لجواز صلاة سنة الفجر بعد الفرض مع الحديث الذي ذكرته آنفًا: «لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» لكن لما كانت هاتان الركعتان تركتا بسبب وجوب الانضمام إلى الصلاة القائمة وعدم جواز الشروع في النافلة المشروعة قبل الفريضة في قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» فإذًا: هذا الذي فوت على نفسه ركعتي سنة الفجر إنما كان ذلك منه ليس كسلًا أو إعراضًا أو قلة اهتمام بهذه السنة وإنما إيثارًا منه باتباعه لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» فاجتهد هذا الإنسان فصلى الركعتين بعد الفجر، فأقره عليه الصلاة والسلام فصارت سنة لنا، أنه إذا دخلنا المسجد وقد أقيمت الصلاة لم نكن قد صلينا سنة الفجر أنه يجوز لنا أن نصليها بعد الفريضة، فدخل استثناء على حديث: «لا صلاة بعد الفجر» بهاتين الركعتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>