الأول: عن قُرَّة المزني رضي الله عنه قال: «كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس، يجلس إليه نفر من أصحابه، وفيهم رجل له ابن صغير، يأتيه من خلف ظهره فيُقْعِدَه بين يديه، «فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: تحبه؟ فقال: يا رسول الله أحبك الله كما أحبه! »، فهلك، فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة، لذكر ابنه، فحزن عليه، ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مالي لا أري فلانا؟ فقالوا: يا رسول الله بُنَيَّة الذي رأيته هلك، فلقيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: فسأله عن بنيه؟ فأخبره بأنه هلك، فعزاه عليه، ثم قال يا فلان؟ أيما كان أحب إليك: أن تمتع به عمرك، أو لا تأتي غدا إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله! بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لى، لهو أحب إلىّ، قال: فذلك لك، «فقال رجل «من الانصار»: يا رسول الله «جعلني الله فداءك ة أله خاصة أو لكلنا؟ قال: بل لكلكم».
الثاني: عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من عزي أخاه المؤمن في مصيبته كساه الله حلة خضراء يجبر بها يوم القيامة، قيل: يا رسول الله ما يجبر؟ قال: يغبط».
واعلم أن الاستدلال بهذين الحديثين - لا سيما الأول منهما - على التعزية أولى من الاستدلال عليها بحديث:«من عزى مصابا فله مثل أجره»، وإن جرى عليه جماهير المصنفين، لأنه حديث ضعيف من جميع طرقه كما بينه النووي في «المجموع»«٥/ ٣٠٥» والعسقلاني في «التلخيص»«٥/ ٢٥١» وفي «إرواء الغليل»«رقم ٧٥٧».
أحكام الجنائز [٢٠٥].
(١) وهي الحمل على الصبر بوعد الأجر، والدعاء للميت والمصاب. [منه].