مداخلة: من الغريب العجيب: أن جماهير العلماء يحرمون أواني الذهب على النساء وهم يعلمون كما نعلم معهم قوله عليه السلام لما خرج يوماً على أصحابه وفي إحدى يديه ذهب وفي الآخر حرير وقال: «هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها».
هم يعلمون هذا الحديث الذي يشمل كل ذهب، وأنه على الرجال حرام وعلى النساء حلال، مع ذلك لا يجيزون للمرأة استعماله في أواني الذهب والفضة، مع أنه لا يوجد نص خاص في تحريم أواني الذهب على النساء، وإنما هناك نص عام من حيث الأسلوب العربي يمكن أن يدخل فيه الإنسان ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«من أكل أو شرب في آنية ذهب أو فضة فكأنما يجرجر في بطنه نار جهنم».
فهم أخذوا تحريم هذه الأواني الذهبية على النساء مِن لفظه مَنْ؛ لأنها من صيغ الشمول والعموم، فدخل فيه الرجال والنساء، ولما جاءت أحاديث صريحة وصحيحة، وأكثر من هذا الحديث هذا حديث واحد لكنه صحيح تحرم هذه الأحاديث صراحة على النساء الذهب المحلق، قالوا: هذه الأحاديث منسوخة، ما الذي نسخها؟ حل لإناثها، هذا أولاً يتنافى مع القواعد الأصولية التي تعلمناها منهم؛ لأنه لا يجوز نسخ الخاص بالعام، وإنما العكس هو الصواب يستثنى الخاص من العام، ويبقى العام هو شبه منسوخ، لكن لا كلاً، وإنما جزءا، مثاله: قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ}[المائدة: ٣] الميتة عام أو مطلق يشمل كل ميتة من ذلك مثلاً: ميتة البحر وميتة الجراد، ميتة الحوت السمك والجراد، فإذا نحن اعتمدنا فقط على هذا النص القرآني حرمنا ميتة السمك والجراد، كذلك والدم يشمل الكبد والطحال لكن العلماء لما وجدوا الرسول عليه السلام قد قال:«أحلت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطحال» ماذا فعلوا بالآية؟ قالوا: مخصصة بالحديث فإذا أردنا أن نوجز معنى الآية قلنا: حرمت عليكم الميتة إلا ميتة