الحوت والجراد والدم إلا دم الكبد والطحال، فهذا النص القرآني عام ما نسخ الجزءان المخالفان لعموم النص، وإنما على العكس من ذلك استثني من النص العام ما خصص ذكره بالحل في النص الخاص، ولذلك قلنا: حرمت عليكم الميتة إلا كذا، وما قلنا حرمت كل ميتة والحديث منسوخ؛ لأنه معارض للنص العام لا يقول العلماء: أن الخاص يعارض العام، وهذا الشيء منه كثير وكثير جداً، مثلاً: لما ذكر الله عز وجل المحرمات من النساء قال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] لما ذكر المحرمات من الرضاع كلها، قال:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] ثم قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤] أختك في الرضاع
تحل، وهكذا لكن جاء الحديث الصحيح يقول:«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» فماذا فعلوا في قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ}[النساء: ٢٤]؟ خصصوا هذا النص القرآني بالحديث النبوي، وهكذا في كثير جداً من النصوص العامة في القرآن تأتي مقيدة بالسنة في موضوعنا هذا: ليس عندنا إلا حديث: «حل لإناثها» كما جاء حديث تحريم أواني الذهب بلفظة: «من شرب أو أكل» قالوا: النساء لا يجوز لهن استعمال هذه الأواني وإن كان الذهب مشروع عام يباح لهن، فينبغي أن يقال حين ذاك: من باب أولى لا يجوز لهن التحلي بالذهب المحلق؛ لأن ذلك جاء منصوصاً بخصوص النساء وليس بالنص العام كما هو الشأن في أواني الشرب من الذهب، مثلاً: قال عليه الصلاة والسلام: «من أحب أن يحلق حبيبه بحلقة من نار فليحلقه بحلقة من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه بسوار من نار فليسوره بسوار من ذهب، ومن أحب أن يطوق حبيبه بطوق من نار فليطوقه بطوق من ذهب، وأما الفضة فالعبوا بها، العبوا بها العبوا بها».
عندنا الحديث الثاني - وهو أصرح دلالة - لأن هنا لا يخفاكم أن كثير من الناس لا يعلمون أن صيغة فعيل تطلق على الأنثى والذكر معاً، فقد يشكل عليهم فيقول: حبيبه يعني: الذكر فيقال مثلاً: رجل قتيل وامرأة قتيل.