وقد ذهب إلى الأول أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأصحابهم ولا نعلم لهم دليلا يستحق الذكر إلا مجرد الرأي ولذلك خالفهم بعض أصحابهم كما يأتي ولا علمت لهم سلفا من الصحابة بخلاف القول الثاني فإمامهم الأحاديث الصحيحة وفتوى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
أما السنة فالأحاديث الصحيحة التي رواها جمع من الصحابة في صحيح مسلم والسنن الأربعة والمسانيد وغيرها ففيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمسح وفي بعضها رخص في المسح وفي غيرها: جعل المسح للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ومن الواضح جدا أن الحديث كالنص على ابتداء مدة المسح من مباشرة المسح، وهو كالنص أيضا على رد القول الأول لأن مقتضاه كما نصوا عليه في الفروع أن من صلى الفجر قبيل طلوع الشمس ثم أحدث عند الفجر من اليوم الثاني فتوضأ ومسح لأول مرة لصلاة الفجر فليس له المسح بعدها فهل يصدق على مثل هذا أنه مسح يوما وليلة؟ أما على القول الثاني الراجح فله أن يمسح إلى قبيل الفجر من اليوم الثالث بل لقد قالوا أغرب مما ذكرنا: فلو أحدث ولم يمسح حتى مضى من بعد الحدث يوم وليلة أو ثلاثة أيام إن كان مسافرا انقضت المدة ولم يجز المسح بعد ذلك حتى يستأنف لبسا على طهارة (١).
فحرموه من الانتفاع بهذه الرخصة. بناء على هذا الرأي المخالف للسنة ولذلك لم يسع الإمام النووي إلا أن يخالف مذهبه - وهو الحريص على أن لا يخالفه ما وجد