التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين، لكن الحديث ليس فيه ما يدل على أن ذلك يقع ولا بد، وإنما يدل على كون فاعله متعرضاً لذلك، وكون فعله ممكناً لأن يقع فيه ذلك الوعيد، ولا يلزم من التعرض للشيء وقوع ذلك الشيء.
(الترغيب والترهيب ١/ ٢٣٩)
[هل الأمر بمتابعة الإمام في جلوسه في الصلاة منسوخ؟]
مداخلة: بالنسبة للحديث الذي ذكرناه آنفاً: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» بالنسبة ... إذا صلى جالساً، يذكر الحميدي أن هذا منسوخ؟
الشيخ: وما الذي نسخه؟
مداخلة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى جالساً، وصلى الصحابة وقوفاً.
الشيخ: وهل يصح نسخ القول بالفعل؟ هذه دعوى مردودة، وذلك بأسباب كثيرة، فعل الرسول عليه السلام ليس فيه من القوة التشريعية ما في أقواله، فأفعاله المشروعة فضلاً عن أفعاله ما أقول غير المشروعة، وإنما أفعاله غير التعبدية، أفعاله المشروعة ليس لها من القوة ما لأقواله التشريعية، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء، حيث يقولون بأن أقواله عليه السلام شريعة عامة، أما أفعاله فقد وقد، فقد يمكن أن يكون فعل من أفعاله عليه السلام شريعة عامة، وعلى هذا جاء قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، لكن قد لا يكون فعله عليه السلام شريعة عامة لسبب أو أكثر.
من ذلك -مثلاً- أن يفعل ما فعل بحكم حاجة أو ظرف أوجب ذلك عليه، أو فعله بحكم الإباحة المطلقة قبل مجيء قول من أقواله التي تعارض فعله، ولذلك ذكر بعض الأصوليين أنه إذا تعارض قوله عليه السلام مع فعله قُدِّم قوله على فعله، أي: إذا تعارضا تعارضاً متنافراً لا يمكن التوفيق بينهما.