قلت: هذا صحيح ولكن من المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق عمليا بين صلاة الجمعة والصلوات الخمس فإنه ثبت أنه كان في المدينة عدة مساجد تقام فيها صلاة الجماعة، ومن الأدلة على ذلك أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي صلاة العشاء وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم إماما صلاة العشاء هي له تطوع ولهم فريضة، وأما الجمعة فلم تكن لتتعدد، بل كان أهل المساجد الأخرى كلهم يأتون إلى مسجده - صلى الله عليه وسلم - فيجمعون فيه، فهذا التفريق العملي منه - صلى الله عليه وسلم - بين الجماعة والجمعة لم يكن عبثا، فلا بد إذن من النظر إليه بعين الاعتبار وهو وإن كان لا يقتضي الحكم بالشرطية التي صب المؤلف كلامه كله في نفيها فإنه على الأقل يدل على أن تعدد الجمعة بدون ضرورة خلاف السنة، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي الحيلولة دون تكثير الجمع والحرص على توحيدها ما أمكن اتباعا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده، وبذلك تتحقق الحكمة من مشروعية صلاة الجمعة وفوائدها أتم تحقق ويقتضي على التفرق الحاصل بسبب إقامتها في كل المساجد كبيرها وصغيرها وحتى إن بعضها ليكاد أن يكون متلاصقا في بعض البلاد الأمر الذي لا يمكن ان يقول بجوازه من شم رائحة الفقه الصحيح.
[الأجوبة النافعة ص ٤٤].
[من فاتته الجمعة ماذا يصلي؟]
[قال الإمام في تلخيص المسائل المتعلقة بالجمعة من رسالة «الموعظة الحسنة بما يخطب به في شهور السنة» لصديق حسن خان]:
الجمعة فريضة من الله عز وجل فرضها على عباده فإذا فاتت لعذر فلا بد من دليل يدل على وجوب صلاة الظهر وفي حديث ابن مسعود:«ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا»(١).
فهذا دليل على أن من فاتته الجمعة صلى ظهرا.
(١) قلت رواه ابن أبي شيبة في المصنف ١/ ١٢٦/١ والطبراني في الكبير ٣/ ٣٨/٢ واللفظ له من طريق عن أبي =