قال الألباني: هذا لا يدل على وجوب الفاتحة وراء الإمام، كما يظن، بل على الجواز؛ لأن الاستثناء جاء بعد النهي، وذلك لا يفيد إلا الجواز، وله أمثلة في الاستعمال القرآني، وتفصيل ذلك لا يتسع لها المقام، فمن شاء التحقيق فليرجع إلى كتاب «فيض القدير» للشيخ أنور الكشميري، ويشهد لذلك ما في رواية ثابتة في الحديث بلفظ: لا تفعلوا إلا ان يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب، فهذا كالنص على عدم الوجوب، فتأمل.
(مشكاة المصابيح ١/ ٢٧٠)
[حكم السكته بعد قراءة الفاتحة وما يترتب عليها]
السائل: قرأت في مشكاة المصابيح أن الإمام ما في سكته، وأن الحديث الوارد فيها ضعيف، فبعض الأئمة يسكت يقل لك: أريد أسكت -مثلاً- فترة بسيطةً حتى أتيح للمأمومين أن يقرؤوا الفاتحة، فهل يأثم، بما أنه ما فيش دليل على السكتة ... ؟
الشيخ: هذا الجواب عليه -بارك الله فيك- يأثم أو لا يأثم يعود إلى قناعته الشخصية، إذا سلك طريق أهل العلم في معرفة الحق مما اختلف فيه الناس، أو سلك طريق أهل العلم بسؤال أهل العلم فأفتوه فتبنى فتواهم فلا إثم عليه، أما أن يَرْكب رأسه وأن يتَّبع هواه فهو آثم، وهذا كلامي: أنه إما أن يكون مجتهداً، أو وصل به اجتهاده إلى هذه السكتة الطويلة التي يتمكن فيها المقتدون من قراءة الفاتحة، وهو ليس بآثم فهو مأجور بكل حال، وإما أن يكون ليس من أهل العلم والاجتهاد، وإنما هو سأل بعض من يظن فيهم العلم فأفتوه بأن هذه السكتة وردت، فهو بناء على ذلك يسكت، فأيضاً: لا إثم عليه.
الإثم إنما يترتب على المكلف فيما إذا اتَّبع هواه وأفتى نفسَه أو غيرَه بغير علم.