قالت: وذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه البقر يوم النحر. فلما كانت ليلة البطحاء وطهرت عائشة؛ قالت: يا رسول الله! أتَرْجعُ صَوَاحِبِي بحج وعمرة، وأرجع أنا بالحجِّ؟ ! فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر،
فذهب بها إلى التنعيم، فَلَبَّتْ بالعمرة. «قلت: إسناده على شرط مسلم. وقد أخرجه، ولكنه لم يَسُقْ منه إلا طرفه
الأول، وأحال في سائر لفظه على رواية أخرى بنحوه؛ وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجعلوها عمرة ". وهذا هو الصواب كما في الرواية الآتية؛ دون قوله: «من شاء أن يجعلها عمرة»؛ فإنه منكر، تفرد به حماد بن سلمة دون كل الثقات الذين رووا هذه القصة من جميع الطرق عن عائشة، فليس في شيء منها هذا التخيير بعد دخول مكة، وإنما هو في بعضها عند ذي الحليفة، كما في الطريق الثانية المتقدمة «١٥٥٩»، وهو المحفوظ».
واعلم أن الباعث على تحرير هذا التحقيق: أنني فوجئت في موسم السنة الماضية «١٣٩٣» بخبر مفاده: أن أحد الأساتذة من إخواننا- أهل الحديث- قد رجع عن القول بوجوب فسخ الحج إلى العمرة، الذي تدل عليه أحاديث الفسخ المشار إليها وغيرها، محتجاً بما في حديث ابن عمر هذا من التخيير المنافي للوجوب! فأجبت يومئذٍ بأنه حديث شاذ، أخطأ فيه حماد، وذكرت ما حضرني من الأدلة، فها نحن الآن قد بعث الله لنا المناسبة التي قضت بضرورة البحث في ذلك مبسطاً محققاً، بما لا تراه محرراً في مكان آخر فيما أعلم. والله ولي التوفيق.
صحيح سنن أبي داود (٦/ ٣١)
[فسخ الحج إلى العمرة]
عن ذكوان مولى عائشة عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأربع ليال خلون أو خمس من ذي الحجة في حجته وهو غضبان، فقلت: يا رسول الله من أغضبك أدخله الله النار؟ ! فقال: «أما شعرت أني أمرتهم بأمر فهم يترددون، ولو