للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلام، فالذي يأخذ منه جواز الغناء من النساء البالغات الأجنبيات، وجواز العزف على أي نوع من أنواع المعازف كالعود ونحوه، وفي غير يوم العيد، فلا شك أنه يكون قد حاد عن جادة الصواب والإنصاف، وحمل الحديث من المعنى ما لا يتحمل، وكيف يصح أخذ ذلك منه، وفيه قول أبي بكر مستنكراً للغناء مع الدف: «أمزمار الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -». ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك عليه إنكاراً مطلقاً بل إنه أقره عليه إلا في الغناء المذكور في يوم العيد، فقد استثناه من الإنكار بعلة أنه عيد: «دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا» فهذا تعليل لإباحة ما أنكره أبو بكر بكلامه العام، وذلك معناه أن ذلك لا يجوز في غير يوم العيد إلا ما استثناه الشارع بنص آخر مثل الدف في العرس، وهذا كل ما علمت أنه - صلى الله عليه وسلم - أباحه، وهو الدف فقط في العيد والعرس، وما سوى ذلك فعلى المنع الذي دلت عليه الأحاديث الثابتة، في تحريم المعازف.

فلعل المصنف يعيد النظر فيما نقله ابن حزم وابن العربي، ويدرس الموضوع دراسة علمية دقيقة، فإن القول بإباحة ما اتفقت المذاهب الأربعة على تحريمه وجاءت السنة الصحيحة مؤيدة له، مما لا ينبغي أن يقع فيه عالم فاضل.

(غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام) (ص ١٨٠ - ١٨١)

[الجواب عن حديث المرأة التي ضربت بالدف بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -]

عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت بريدة يقول: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه، فلما انصرف، جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله! إني نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا».

[قال الإمام]: «فائدة»: من المعلوم أن «الدف» من المعازف المحرمة في الإسلام والمتفق على تحريمها عند الأئمة الأعلام، كالفقهاء الأربعة وغيرهم وجاء فيها أحاديث صحيحة خرجت بعضها في غير مكان، وتقدم شيء منها برقم «٩ و

<<  <  ج: ص:  >  >>