أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه. فهذا يعين أن المنع يكون متناولا لحرمة القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه وذكر الآمدي وغيره أنه لا تجوز الصلاة فيه أي المسجد الذي قبلته إلى القبر حتى يكون بين الحائط وبين المقبرة حائل آخر وذكر بعضهم: هذا منصوص أحمد».
[الثمر المستطاب (١/ ٣٥٧)].
[علة النهي عن الصلاة في المقبرة]
وقد اختلفوا في علة النهي عن الصلاة في المقبرة فقيل: النجاسة وقيل: التشبه بأهل الكتاب وسدا لذريعة الشرك كما سبق في كلام شيخ الإسلام وغيره. وهو الظاهر من مجموع الأحاديث الواردة في هذا الباب وقد مضى البعض ويأتي بعضها وعليه جرى علماؤنا المتأخرون من الحنفية فقال ابن عابدين في «حاشيته»:
«واختلف في علته «يعني: الكراهة» فقيل: لأن فيها عظام الموتى وصديدهم وهو نجس وفيه نظر وقيل: لأن أصل عبادة الأصنام اتخاذ قبور الصالحين مساجد وقيل: لأنه تشبه باليهود وعليه مشى في الحاشية».
وهذا القيل الأخير هو الذي اعتمده الطحطاوي في «حاشيته على مراقي الفلاح» ونص كلامه:
«قوله: وفي المقبرة بتثليث الباء لأنه تشبه باليهود والنصارى قال - صلى الله عليه وسلم -: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» وسواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه ويستثنى مقابر الأنبياء عليهم السلام فلا تكره الصلاة فيها مطلقا منبوشة أو لا بعد أن لا يكون القبر في جهة القبلة لأنهم أحياء في قبورهم ألا ترى أن مرقد إسماعيل عليه السلام في الحجر تحت الميزاب وأن بين الحجر الأسود وزمزم قبر سبعين نبيا ثم إن ذلك المسجد أفضل مكان يتحرى للصلاة بخلاف مقابر غيرهم. أفاده في «شرح المشكاة».