[وجوب صلاة الكسوف والرد على من قال بالاستحباب وادعى الإجماع عليه]
[قال الإمام]: لقد عثرت في أثناء جمعي لأبحاث وأحاديث هذه العجالة [أي رسالته رحمه الله في صلاة الكسوف] على بعض خطيئات وقعت -سهواً- من بعض العلماء، فرأيت تقييدها ههنا والتنبيه عليها؛ لكي لا يغتر بها من لم ينتبه لها:
[فذكر الإمام من هذه الأخطاء]:
قول الإمام النووي في «صلاة الكسوف» من شرحه على مسلم «٦/ ١٩٨»: «وأجمع العلماء على أنها سنة».
وتبعه الشوكاني في «النيل»«٣/ ٣٧٨» وسبقهما إلى ذلك ابن حزم «مراتب الإجماع»«٣٢».
وهذا خطأ؛ فقد ذهب بعض المتقدمين إلى القول بوجوبها؛ ولذلك لم يَدَّع الإجماع المزعوم الحافظ ابن حجر، بل حكى الخلاف فيه، فقال في «الفتح»«٢/ ٤٢١»:
قوله:«باب الصلاة في كسوف الشمس» أي: مشروعيتها، وهو أمر متفق عليه، لكن اختلف في الحكم وفي الصفة؛ فالجمهور على أنها سنة مؤكدة، وصرح أبو عوانة في «صحيحه» بوجوبها، ولم أره لغيره، إلا ما حكي عن مالك أنه أجراها مجرى الجمعة. ونقل الزين بن المنير عن أبي حنيفة أنه أوجبها، وكذا نقل بعض مصنفي الحنفية أنها واجبة».
قلت: وقد قال أبو عوانة في صحيحه «٢/ ٣٦٦»: «بيان وجوب صلاة الكسوف».
ثم ساق تحته حديث أبي مسعود وابن عمر المتقدمين، وفيهما الأمر الصريح بالصلاة عند الكسوف، والأصل في الأمر الوجوب إلا لقرينة، ولا قرينة هنا؛ إلا ما